İslam'ın Şafağı

Ahmed Emin d. 1373 AH
132

İslam'ın Şafağı

فجر الإسلام

Türler

وعن عمر بن الخطاب أنه قال حين خرج معاذ بن جبل إلى الشام: «لقد أخل خروجه بالمدينة وأهلها في الفقه وما كان يفتيهم به، ولقد كنت كلمت أبا بكر رحمه الله أن يحبسه لحاجة الناس إليه ، فأبى علي، وقال: رجل أراد جهادا يريد الشهادة فلا أحبسه، فقلت: والله إن الرجل ليرزق الشهادة وهو على فراشه» ... إلخ

25 ، وكتب عمر إلى أهل الكوفة: «إني بعثت إليكم بعبد الله بن مسعود معلما ووزيرا، وآثرتكم به على نفسي، فخذوا عنه؛ فقدم الكوفة ونزلها، وابتنى بها دارا إلى جانب المسجد» إلى كثير من أمثال ذلك.

هؤلاء الصحابة العلماء الذين تفرقوا في الأمصار أنشئوا حركة علمية، في كل مصر نزلوا، وكونوا مدارس

26 ، وكان لهم تلاميذ ينقلون عنهم العلم، فتخرج عليهم التابعون ثم تابعوهم، مما سنعرض له عند الكلام على مراكز الحركة العقلية.

وعندئذ دخل عنصر الموالي وأولادهم في الحركة العلمية، واتسع نطاقها، فكان منهم كثير من سادة التابعين وتابعي التابعين.

الموالي والعلم: كان سكان البلاد كما علمنا يتكونون من عنصرين: عنصر عربي، وهو العنصر الفاتح؛ وعنصر أعجمي، وكان أكثر حملة العلم في عصر الصحابة العرب؛ لأن أكثر الصحابة عرب، فلما أخذ علماء الصحابة يعلمون في الأمصار المفتوحة، اشترك العرب والعجم في تلقي العلم عنهم؛ حتى إذا كان عصر التابعين وتابعيهم كان بعض حملة العلم عربا وأكثرهم من الموالي أو أبناء الموالي، ويقول ابن خلدون في تعليل هذا: «والسبب في ذلك أن الملة في أولها لم يكن فيها علم ولا صناعة، لمقضتى أحوال السذاجة والبداوة، وإنما أحكام الشريعة، التي هي أوامر الله ونواهيه كان الرجال ينقلونها في صدورهم، وقد عرفوا مأخذها من الكتاب والسنة بما تلقوه من صاحب الشرع وأصحابه، والقوم يومئذ عرب لم يعرفوا أمر التعليم والتأليف والتدوين ولا دفعوا إليه، ولا دعتهم إليه حاجة، وجرى الأمر على ذلك زمن الصحابة والتابعين، كانوا يسمون المختصين بحمل ذلك ونقله القراء؛ أي: الذين يقرءون الكتاب وليسوا أميين؛ لأن الأمية يومئذ صفة عامة في الصحابة - بما كانوا عربا - فقيل لحملة القرآن يومئذ قراء ... ثم صارت هذه العلوم كلها ملكات محتاجة إلى التعليم، فاندرجت في جملة الصنائع، وقد كنا قدمنا أن الصنائع من منتحل الحضر، وأن العرب أبعد الناس عنها فصارت العلوم لذلك حضرية، وبعد عنها العرب، والحضر لذلك العهد هم العجم أو من في معناهم من الموالي وأهل الحواضر ... لأنهم أقوم على ذلك للحضارة الراسخة فيهم منذ دولة الفرس ... فكان صاحب صناعة النحو سيبويه، والفارسي من بعده، والزجاج من بعدهما؛ وكلهم عجم في أنسابهم ... وكذا حملة الحديث وعلماء أصول الفقه، وحملة علم الكلام وأكثر المفسرين، ولم يقم بحفظ العلم وتدوينه إلا الأعاجم، أما العرب الذين أدركوا هذه الحضارة وسوقها فشغلتهم الرياسة في عهد الدولة العباسية» انتهى مختصرا.

وهو وإن كان يتكلم عن عصر التدوين، ويعني به على ما يظهر العصر العباسي، فعلته كذلك صحيحة في العصر الأموي - عصر التابعين ومن بعدهم - إلا أنه غالى في نظريته وسلب العرب ما كان لهم من حظ في المشاركة في العلوم، كان في العصر الأموي عرب من أشهر العلماء، كسعيد بن المسيب، وعلقمة، وشريح، ومسروق والنخعي وغيرهم، ولكن الأكثرين كانوا موالي أو في حكمهم؛ فكان في المدينة سليمان بن يسار، وكان من أعلم الناس وأفقههم، وأبوه مولى ميمونة زوج النبي

صلى الله عليه وسلم ، ونافع مولى عبد الله بن عمر والذي روى عنه أكثر أحاديثه، وأصله من الديلم؛ وربيعة الرأي وهو شيخ الإمام مالك، وأبوه فروخ من الموالي.

ومن علماء مكة مجاهد بن جبر، وكان مولى لبني مخزوم، وهو من أكثر رواة التفسير عن ابن عباس، وعكرمة مولى ابن عباس، والذي روى عنه أكثر علمه، وعطاء بن رباح مولى بني فهر من مولدي الجند

27 ، وكان أسود، وأبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس مولى حكيم بن حزام، وكان من أحفظ الناس للحديث.

Bilinmeyen sayfa