وأن / ١٩ أ / يكون الدخول مطلّبا (^١)، وبالترتيب الأول مرتّبا. وأنه في باكر يخرج لملتقاه على العادة. فلما كان من باكر ركب للملتقى، فلم يزل إلى أن فارق عمارة دمشق، فأوقف وأشير عليه أن لا يتعدّى، وخوّف ممّن يتعدّى. رجع من الطريق، وكانت ساعة قضت إلى الساعة بالتفريق.
وكان مولانا السلطان قد ركب في العساكر، وسارعن المنزلة، فلما بلغه رجوع الملك السعيد كثر وهمه، وقوي على ما قاله كوندك عزمه. وعاد إلى المنزلة التي فارقها فنزلها بالعساكر، وضرب مشوارا فيمن معه من أمراء الحلّ والعقد، فما كان منهم إلاّ من هو لنصح كوندك شاكر (^٢).
ذكر ما ترتّب على هذه الرجعة للملك السعيد من المفاسد
وأقام مولانا السلطان بالمنزلة التي رجع إليها لما رجع الملك السعيد عن الملتقى، والعساكر المنصورة طائعة / ١٩ ب / لأمره، منضوية إلى علوّ قدره. عالمة أنّ المصلحة في موافقته، والسلامة مقرونة بمرافقته. هذا والرسل إليه متردّدة، (والكتب بما يلين أعطافه متودّده) (^٣)، وهو يأبا (^٤) إلاّ أن يخرج إليه الملك السعيد، وأنه لا بدّ من تلقّيه كعادة الملوك معه إذا قدم من قريب أو بعيد.
فلمّا طالت الإقامة، وحصلت السّآمة، وسمجت الملامة، وظهرت للصدق على ما قاله كوندك علامه (وأيّ علامه) (^٥)، رحل مولانا السلطان بالعساكر المنصورة ونزل بالكسوة، وحال بين الملك السعيد وبين مصر بما للأنفة من قسوة. فاختبط رأي الملك السعيد، ورأى من حوله من مقيمي هذه الفتنة، وضعفت منهم المنّة. هذا، وكوندك مع مولانا السلطان يغريه، ويجتهد فيما من الغرض يبديه. وكان قد رسم له الملك السعيد قبل التحويل بأن يتوجّه إلى حلب يكون بها أمير أربعين فارس (^٦).
_________
(^١) التطليب أو المطلّب: لفظ عامّي درج على ألسنة الناس في عصر المماليك معناه: الحضور بمجموعة من فرق الجند إلى أماكن الاحتفالات على هيئة مخصوصة. - مواكب -. (معجم المصطلحات والألقاب التاريخية ١٠٨).
(^٢) أنظر نهاية الأرب ٣٠/ ٣٩٤، والدرّة الزكية ٢٢٧.
(^٣) عن الهامش.
(^٤) الصواب: «يأبى».
(^٥) عن الهامش.
(^٦) الدرّة الزكية ٢٢٧.
1 / 43