[مفارقة كوندك للسلطان]
ورسم، فكتبت كتابا عن الملك السعيد إلى سيف الدين كوندك مضمونه التأمين، فما أخذه باليمين، ولا ألوى على مضمونه بحكم ما دلّه على هلاكه من الحدس والتخمين. وداخله الشكّ إلاّ أنه أزال الشكّ باليقين. وما كان منه وبين القرار إلاّ أنّ خرجت إليه أثقاله، وأمّته بحصول خزانته في القبضة أمواله.
ثم سار يطوي الأرض بالطول والعرض، والسّنّة من نجاته وبمن معه والفرض. قاصدا مولانا السلطان وقد كان راجعا بالعساكر المنصورة من وجهته، وآتيا من فورته.
[مكاتبة الملك السعيد إلى قلاون بشأن كوندك]
ورسم فسرّح الطائر حاملا بطائق كتبتها إلى مولانا السلطان، مضمونها: / ١٨ ب / «إنّ الأمير سيف الدين كوندك كان قد حصل بينه وبين الصبيان خصومة أوجبت غضبه وخروجه بجماعة من السلاح داريّة، فإذا وصل يسكّن خاطره، ويحضره في الأمان والدّعه». وأطلعت الطيور مسرعه، وعاد الجواب على أجنحتها بالسّمع والطاعه، وأنه يبذل في رضاه أو غضبه إن لم يرض جهد الاستطاعه.
فلمّا وصل سيف الدين كوندك قال وأطال، وبلغ غرضه من نجاة نفسه بالصحيح والمحال. وجاء كتاب مولانا السلطان بأنه حاضر معه إلى الأبواب السعيدية، إلاّ أنه بعد أن ملأ سمعيه، ونقل ما عزم الملك السعيد ومن حوله في حقّ مولانا السلطان عليه. وهو - خلّد الله سلطانه - يصدّق ويكذّب، ويصعّد فكره ويصوّب، إلى أن وصل إلى القابون، وكاتب: هل يكون الدخول بتطليب أو ترتيب، أو لا ترتيب؟ (فأجيب) (^١) وقد فهم عنه وهم أحدثه كوندك بأن لا تثريب،
_________
= الأمراء عند عودهم من سيس، وعيّنوا إقطاعاتهم لأناس منهم، وكان الأمير كوندك النائب مطّلعا على ذلك. واستغرق السلطان في لذّاته، وبسط يده بعطاء الأموال الكثيرة لخاصكيّته، وخرج عن طريقة أبيه. وفي أثناء ذلك حدث بين الأمير كوندك النائب وبين الخاصكية منافرة بسبب أن السلطان أطلق لبعض مماليكه ألف دينار، فتوقّف النائب في إطلاقها، فاجتمع الخاصكية عند النائب وفاوضوه في أمر المبلغ، وأسمعوه ما يكره، وقاموا على حرد، وتكلّموا مع السلطان في عزله عن النيابة فامتنع. وأخذ الخاصكية في الإلحاح عليه بعزل كوندك، وعجز عن تلافي أمرهم معه. (نهاية الأرب ٣٠/ ٣٩٣) (السلوك ج ١ ق ٢/ ٦٥١، ٦٥٢).
(^١) عن الهامش.
1 / 42