389

Düzenlenmiş İnci

الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم

ثم أن الله سبحانه قد وفقكم لأداء فريضة الجهاد، وهي الفضيلة الكبرى، والقربة العظمى، فإن الجهاد أفضل أنواع البر والرشاد، وأنه سبب انتشار الإسلام في البلاد، وأن ثواب الجهاد فوق ما يطلب يراد، قال الله سبحانه: ?ياأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين? [الصف:10-13]، وقال نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم : «مقام الرجل في الصف في سبيل الله خير من عبادة ستين سنة» (1)، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «الجهاد باب من أبواب الجنة ينجي الله به من الهم والغم» (2)، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم نهاره القائم ليله حتى يرجع» (3)، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «من قاتل في سبيل الله فواق ناقة (4) وجبت له الجنة، ومن جرح جرحا في سبيل الله أو نكب نكبة فإنها تجي يوم القيامة كأغزر ما كانت، لونها لون الزعفران، وريحها المسك» (1)، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «إن مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عاما ألا تحبون أن يغفر الله لكم ويدخكم الجنة اغزوا في سبيل الله، من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة» (2) فانظروا أرشدكم الله في هذا الفضل الكبير والخير الكثير، واعتبروا فأنتم من أهل الإعتبار، وأحسنوا النية وأخلصوها للواحد القهار، فإن الأعمال بالنيات، وإنما لكل أمرء ما نوى، واصبروا فإن الله مع الصابرين، وانتظروا النصر فإن الله خير الناصرين، وثقوا بحسن العاقبة فإن العاقبة للمتقين، وأيقنوا ببطلان أعمال البغاة وكيدهم فإن الله لا يصلح عمل المفسدين، ولا يهدي كيد الخائنين، وبلغنا أنه قد يدرككم طرف من الفشل، فنعوذ بالله من ضياع العمل، وخيبة الأمل، وكيف ترضون لأنفسكم أن تفشلوا، وأنتم على الحق الواضح، والجهاد النافع الصالح، والمتجر العظيم الرابح، الذي هو أبلغ من جهاد الكفار، بنص كثير من الأئمة الكبار، وأنتم في منعة وقرار، وعلى حال قار، سالمون من النصب والوصب، وخالصون عن العطش والسغب، وهؤلاء البغاة صابرون، متألبون، متناصرون، متظاهرون، وهم على شر حال وأقبح مآل ينالهم التعب والسغب، ويتوقعون سوء المنقلب، ويعانون الشدائد، ويتربصون المكائد، ويحسبون كل صيحة عليهم، ويظنون وصول الإنتقام العاجل والآجل إليهم، أفترضون أن يكونوا وهم على الباطل وأنتم على الحق، وهم في سبيل البغي والعناد، وأنتم في سبيل الهدى والرشاد والسداد، وقتلاهم في النار، وقتلاكم في الجنة، وهم على رأي الشيطان، وأنتم على الكتاب والسنة، أترضون أن يكونوا أصبر منكم وأجلد، وأظفر منكم بمرادهم وأسعد، حاش لله، وكلا، فإنكم بالخير والسعادة أحرى وأولى فاصبروا كما أمركم الله به، وصابروا فإن الله مع الصابرين، وأحسنوا فإن الله يحب المحسنين، ولا تنقلبوا على أعقابكم فتصبحوا خاسرين، كما قال نبيكم الصادق الأمين: «ثلاثة لا ينفع معهن عمل: الشرك بالله وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف» (1) وأوضح من ذلك وأصرح قول رب العالمين في كتابه المستبين: ?ياأيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون، وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين? [الأنفال: 45، 46]، وقال تعالى: ?ياأيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أومتحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير? [الأنفال:15، 16]، والآيات والأخبار في هذا المعنى ليس لها انحصار.

ثم إنا غير غافلين عنكم ولا مهملين لأمركم، وجنود الله وجنود كتابه تمدكم، وأبشروا بالنصر من ربكم، اللهم وفقهم، وثبت أقدامهم، وانصرهم، وأعنهم، وأنزل عليهم السكينة القاضية بالأمنة، وأوقع في أفئدتهم الطمأنينة، وضاعف لهم كل حسنة، وفرق جنود البغاة تفريقا، ومزق جيوشهم تمزيقا، وعوقهم عن كل خير تعويقا، ولا تفتح لهم إلى شيء من آمالهم طريقا، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ونعم المولى ونعم النصير.

Sayfa 419