فإذا الجزيرة فرحة وصبابة ... والجو عرس والحياة أغاني
وإذا العداوة وحدة وأخوة ... والبغض حب والنفور تداني
هتفت شفاه البعث فانتفض الثرى ... وتدافع الموتى من الأكفان
زخرت وضجت بالحياة قبورها ... واهتاجت الأرواح في الأبدان
وتلاقت الدنيا يهنيء بعضها ... بعضا فكل الكائنات تهاني
***
ولد الرسول من الرسول ومن رأى ... طفلا له عليا الخلود مغاني
يسعى إلى العليا وتسعى نحوه ... فكأن بينهما هوى وأماني
من ذلك الطفل الذي عصم الدما ... وحمى الضعيف من القوي الجاني
وتناجت الأكباد حوله جلاله ... بالحب الحور والولدان
***
من ذلك الطفل الفقير يشع من ... عينيه تاريخ وسفر معاني
ما شأن هذا الطفل ما آماله ؟ ... فوق المنى والشأن والسلطان
هذا اليتيم وسوف يغدو وحده ... رجل الخلود وواحد الأزمان
وتحقق الأمل الجميل وأينعت ... روح النبوة في أجل كيان
حمل الرسالة وحده ومضى على ... حد السيوف وألسن النيران
عبر المهالك والسلام سلاحة ... يدعو إلى الحسنى ، إلى الإحسان
وإلى الأمانه والبراءة والتقى ... ومحبة الإنسان للإنسان
وإلى التآخي والتصافي والوفا ... والبر والعيش الظليل الهاني
فتجاوبت حوليه أحقاد العدا ... وتفجرت في الدرب كالبركان
فمشى على نار الحقود كأنه ... يمشي على الأزهار والغدران
وعدا الحقيقة حوله تجتاحهم ... همجية دموية الألوان
وغواية تصبي الغوي كأنها ... شيطانه توحي إلى شيطان
ومحمد يلقي الأشعة ها هنا ... وهنا ويفتح الوسنان
فطغت أعاديه عليه فردهم ... بالآيتين : الصبر والإيمان
واقتاد معركة الفدى متفانيا ... إن الجهاد عقيدة وتفاني
والحق لا تحميه إلا قوة ... غضبى كألسنة اللهيب القاني
والأرض أم الناس ميدان الوغى ... والعاجزون فريسة الميدان والمجد حظ مدرب ومسلح ... والموت حظ الأعزل المتواني
Sayfa 43