وكيف أنادي ميتا حال بينه ... وبيني تراب صامت وضريح
وما النوح إلا للثكالى ولم أكن ... كثكلى على صمت النعوش تصيح
هو ... وهي
لا قيتها وهي تهواني وأهواها ... فما أحيلى تلاقينا وأحلاها
وما ألذ تدانيها وأجملها ... وما أخف تصابيها وأصباها
فهي الربيع المغني وهي بهجته ... وهي الحياة ومعنى الحب معناها
وإنها في ابتسامات الصبا قبل ... سكرى تفيض بأشهى السكر رياها
وفتنة من شباب الحسن رقمها ... فن الصبا وحوار الحب غناها
لاقيتها وأغاريد الهوى بفمي ... تشدو وتشدو وتستوحي محياها
غازلتها فتغاضت لحظة ودنت ... وعنونت بابتسامات الرضا فاها
حيرة الساري
طال الطريق ، وقل الزاد ، وهم الركب بالرحيل ، وأين ؟ وكيف ؟ كانت الليلة عاقرا لم تلد فجرا ، وسياط المطر تضرب العابرين وأجنحة العفاريت تتشابك وتحوم ، والطريق الوحل يتخبط بالمتعبين .
ونادى الشيخ : قد أظلمت فقف ، أعتم الوادي وضل الدليل ! ونادى الشيخ :
صاحبي غامت حوالينا النواحي ... أي مغدى تبتغي أي مراح
قف بنا حتى يمر السيل من ... دربنا المحفوف بالشر الصراح
أين تمضي ؟ والقضا مرتقب ... ومتاح والرجا غير متاح
والدجا الأعمى يغطي دربنا ... برؤى الموتى وأشلاء الأضاحي
أين تمضي ؟ وإلى أين بنا ... جدت الظلما فدع حمق المزاح
أظلم الدرب حوالينا فقف ... ريثما تبدو تباشير الصباح
***
وهنا نادى على الدرب فتى ... صديقه بين اقتراب وانتزاح
يحمل المصباح في قبضته ... وينادي الركب من خلف الجراح
فتلفتنا إليه فانطوى ... صوته بين الروابي والبطاح
واحتوى الصمت الندا واضطربت ... حول مصباح الفتى هوج الرياح
***
يا رفيقي هذه ليلتنا ... عاقر سكرى بآثام السفاح
والعفاريت عليها موكب ... يرتمي في موكب شاكي السلاح والأعاصير تدوي في الربا ... وتميت العطر في صدر الأقاح
Sayfa 36