İbn Haldun'un Mukaddimesi Üzerine Çalışmalar
دراسات عن مقدمة ابن خلدون
Türler
يشرح أبو التاريخ هرودوت كل هذه الوقائع والكهانات بتفصيل يشبه تفاصيل الروايات القصصية تماما.
غير أن أخبار الكهانة في تاريخ هرودوت لا تنحصر بالقسم الباحث عن حياة قره زوس وحروبه وحده، بل هي تتخلل أبحاثه الأخرى أيضا.
إن الكهانة لعبت دورا هاما في موقعة «ثرموبولس» الشهيرة أيضا؛ على رواية هرودوت، لقد راجع الإسبارطيون كاهنة دلفي منذ بدء الحرب ليعرفوا مصير الأمور، فقالت الكاهنة: «إن صدمة الفرس ستكون عنيفة جدا، بحيث لا تستطيع أن تتحملها قوة الثيران أو قدرة الأسود، فلا بد من حدوث أحد الأمرين التاليين؛ إما أن تدمر المدينة المشهورة على يد أحفاد «برسه ثوس»، وإما أن تبكي إسبارطة موت ملك منحدر من نسل هرقل.» إن «ليونيداس»
Léonidas
الشهير ضحى بنفسه في تلك المعركة، بعد أن اطلع على هذه الكهانة؛ لأنه أراد - بعمله هذا - أن يحقق الأمر الثاني لكيلا يترك مجالا لحدوث الأمر الأول!
إن الكهانة قامت بدور هام جدا في معركة «سالاميس» أيضا؛ يروي هرودوت في تاريخه المشهور بأن الأثينيين أرادوا أن يستشيروا كاهنة دلفي خلال الحروب المادية، فأرسلوا وفدا لهذا الغرض. إن الكلمات التي سمعها الوفد من الكاهنة - في بادئ الأمر - كانت في منتهى الفظاعة؛ لأن الإله أجاب قائلا: «غادروا منازلكم، أخلوا حصونكم، واهجروا بلادكم فارين إلى أقاصي الأرض؛ فإن أثينا ستدمر تدميرا هائلا، وستصبح طعمة للنيران. «مارس» المخيف سيأتي على عجلة سورية، وسيخرب المدن والحصون. إن الآلهة تفزع من هول النكبة، والعرق يتصبب على تماثيلهم، وها قد بدا يقطر من سقف حرمهم دم أسود ينبئ بهول الكارثة التي تهددكم. اخرجوا أيها الأثينيون، وتسلحوا بالصبر والشجاعة أمام هذه الكوارث المقدرة.»
اغتم رجال الوفد من هذه التنبؤات الفظيعة غما شديدا، غير أن أحد نبلاء المدينة عندما رأى آثار الغم والكآبة التي استولت عليهم نصحهم بمراجعة الكاهنة مرة ثانية، حاملين أغصان الزيتون بصفتهم متضرعين. عمل الوفد بهذه النصيحة، ووجه إلى «آبولون» التضرعات التالية: «أيها الإله، بحرمة أغصان الزيتون التي نحملها بأيدينا، الطف بنا بحكم أكثر مساعدة لمقدرات وطننا، وإلا فنحن سوف لا نخرج من حرمك أبدا، وسنبقى فيه إلى أن نموت جميعا.»
أما الكاهنة الكبرى فقالت لهم عندئذ ما يلي: «إن باللاس لم يتوفق إلى إقناع زفس، ومع هذا فإليكم نصيحة أخرى ستكون النهائية: لقد سمح زفس لباللاس بجدار من خشب، فعندما يستولي الأعداء على جميع ما في بلادكم سوف لا يستطيعون أن يستولوا عليه أو أن يدمروه، فإنكم ستجدون السلامة فيه، فلا تنتظروا وصول جحافل المشاة والخيالة التي ستأتي لمهاجمتكم، بل اذهبوا واقلبوا لها ظهر المجن، سيأتي يوم تستطيعون فيه مقاومتها، وأما أنت يا سالاميس الإلهية فستفقدين أولاد النساء.»
هذه الكلمات ظهرت للوفد أكثر ملاءمة من الأولى، فكتبوا كل الكلمات التي سمعوها من الكاهنة، ثم عادوا بها إلى أثينا ونقلوها إلى الشعب.
غير أن الآراء اختلفت في تأويل هذه الكلمات، ماذا قصدت الآلهة من قولها «جدار من خشب»؟ بعضهم قال إن القصد من ذلك هو حصن المدينة؛ لأنه كان فيما مضى مدعما بالأخشاب، وبعضهم ذهب إلى أن المقصود منه هو السفن. والجميع تخوفوا من العبارة الأخيرة؛ لأنها كانت تدل في ظاهرها على أنهم سينكسرون في سالاميس إذا أقدموا على محاربة الأعداء بحرا، ولكن «تميستوقلس» عارض الجميع، وادعى عكس ذلك تماما، وقال: «إن النكبة المذكورة في العبارة الأخيرة تعود إلى الأعداء، لا إلى الأثينيين، وإلا لما قالت الآلهة سالاميس الإلهية، بل لقالت سالاميس التعسة.» ولهذا اقترح المشار إليه التهيؤ لحرب بحرية؛ لأن الجدار الخشبي الذي جاء ذكره في أقوال الكاهنة إنما يرمز إلى السفن التي تشترك في حرب بحرية.
Bilinmeyen sayfa