Nurların İkisi Osman bin Affan
ذو النورين عثمان بن عفان
Türler
ومن خطبه بعد تفاقم الفتنة خطبة على الروية لم تكن مرتجلة قال فيها: ... آفة هذه الأمة وعاهة هذه النعمة، عيابون طعانون، يرونكم ما تحبون، ويسترون عنكم ما تكرهون، ويقولون لكم وتقولون، أمثال النعام يتبعون أول ناعق، أحب مواردهم إليهم البعيد، لا يشربون إلا نعصا، ولا يردون إلا عكرا، لا يقوم لهم رائد ... وقد أعيتهم الأمور ...
ألا فقد والله عبتم علي ما أقررتم لابن الخطاب بمثله، ولكنه وطنكم برجله، وضربكم بيده، وقمعكم بلسانه؛ فدنتم له على ما أحببتم وكرهتم، ولنت لكم وأوطأتكم كنفي، وكففت عنكم يدي ولساني؛ فاجترأتم علي، أما والله لأنا أعز نفرا وأقرب ناصرا وأكثر عددا، وأحرى إن قلت: هلم؛ أتي إلي، ولقد أعددت لكم أقرانا، وأفضلت عليكم فضولا، وكشرت لكم عن نابي، وأخرجتم مني خلقا لم أكن أحسنه، ومنطقا لم أنطق به، فكفوا عني ألسنتكم وعيبكم وطعنكم على ولاتكم، فإني كففت عنكم من لو كان هو الذي يكلمكم رضيتم مني بدون منطقي هذا. ألا فما تفقدون من حقكم؟ والله ما قصرت عن بلوغ ما بلغ من كان قبلي، ولم تكونوا تختلفون عليه ...
وهذه الخطبة هي التي قام مروان بعدها يهم بالكلام ويتكلم متوعدا، فأسكته عثمان، ونرى أنها قيلت على الروية؛ لأنه خرج من داره وهو يعلم باجتماع الوفود وحفزها، ولم يفاجأ منها بأمر لم يكن يعلمه وهو ينوي الخطابة فيها.
وهذه النماذج من كتبه وخطبه لا تورد في هذا المقام من ناحية البلاغة والبيان مستقلة عن مواضعها ودواعيها، ولكنها تورد قبل كل شيء؛ لأنها - مع ما تبديه من بيانه - تبدي لنا أسلوب الخليفة الثالث في علاقته برعاياه من خلال أسلوب الكتابة والخطابة. فقد كانت أوائل كتبه أشبه الكلام بما نسميه اليوم «الأسلوب الرسمي»، أو أسلوب التشريع والوثائق القانونية: تبليغ وتقرير بغير تنميق ولا محاولة تأثير، وهو كذلك أسلوب الخلافة التي تعلم أن التفاهم بينها وبين من تخاطبهم مفروغ منه متفق عليه مستغن عن الإقناع وعن المسحة الشخصية التي يصطبغ بها الكلام إذا وقع الاختلاف في النظر بين السامع والمتكلم، ثم يستطرد الموقف بالخليفة إلى ما رأيناه في خطابه الأخير، وأول ما يبدو منه أن الراعي والرعية لا يثوبون إلى قسطاس واحد، وتلك بوادر الملك تظهر في مضامين القول، كما ظهرت على ما نراه في الأعمال والنيات.
الفصل الثامن
من إسلامه إلى خلافته
شئونه
مضى من إسلام عثمان إلى مبايعته بالخلافة نيف وثلاثون سنة، شهد فيها من الغير في تاريخ الجزيرة العربية وفي تاريخ العالم من حولها ما لم يعهد العالم قط قبل البعثة المحمدية، وشهد فيها عهد الدعوة النبوية وعهد الخلافة في أوجها على أيام الصديق، ثم على أيام الفاروق.
وجمعت المصاهرة بين حياته الخاصة وحياة النبي عليه السلام في بيته مع اتصاله به في الدعوة الكبرى من سنتها الأولى؛ فلم يفته شيء من أخبار النبوة الخاصة والعامة في حياة النبي، ولم يفته شيء بعدها من أخبار الخلافة في حياة الشيخين، ولم يفته بعبارة أخرى شيء مما نسميه اليوم بأعمال التأسيس في الدولة الإسلامية.
تزوج من السيدة رقية بنت النبي عليه السلام، وهاجر بها إلى الحبشة فكان أول المهاجرين إليها، ثم هاجر بها إلى المدينة فمرضت هناك بالحصبة، وأذن له النبي عليه السلام أن يتخلف عن وقعة بدر للعناية بها، فماتت يوم ورد البشير إلى المدينة بنصر المسلمين وهزيمة قريش في تلك الوقعة الحاسمة، وقيل: إن عثمان كان قد أصيب بالجدري قبل الخروج إلى بدر، فحال مرضه ومرض زوجته دون الخروج إليها مع جلة الصحابة.
Bilinmeyen sayfa