وقد يسطو الجراد في بعض السنين على حقول لبنان - ولا سيما حقول السواحل منها - بعدد يحجب عين الشمس، محمولا على أجنحة الرياح من مهاب بعيدة فيجتاح الزرع، وكثيرا ما ينقف الأرض التي يقع عليها فينتج منه بعد ذلك الجراد المسمى بالزحاف، فيأخذ في الزحف وتكون وجهته في الغالب نحو الصرود.
وقد يسطو في بعض الأحيان على الجراد طائر يقال له: السمرمر. ويهلكه، وكثيرا ما يسوقه بصوته إلى البحر حيث يهلك عن آخره. وفي لبنان أنواع كثيرة من الحية منها ما له سم ناقع يقتل الملدوغ حالا إذا لم يبادر إلى علاجه في موضع ما ينجع فيه العلاج، ومنها ما ليس يؤذي لدغه، وفيه العقرب ولسعه لا يقتل إلا فيما ندر. (8) أنهار لبنان
إن مياه لبنان المنفجرة من منحدريه الشرقي والغربي تتكون منها أنهار تصب في البحر المتوسط، وتختلف أسماء هذه الأنهار في بعض الأماكن من مجاريها كما هي العادة الغالبة في تسمية الأنهار في سائر أجزاء الأرض؛ فمنها:
نهر قديشا (أي: المقدس)؛ وهو نهر كبير يجري في واد ضيق يقال له: وادي قديشا، أصله عينا ماء إحداهما منفجرة من مكان تحت بشري، والأخرى تحت دير قزحيا. تلتقيان عند أسفل الوادي حيث ينصب إليهما جداول ومياه وينابيع عديدة، فيجتمع من ذلك نهر كبير منبعه الأعلى عند أسفل أرز لبنان، ومصبه في البحر المتوسط عند مدينة طرابلس، وهناك يكنى بأبي علي وتوزع مياهه بقنوات لسقي بساتين هاته المدينة.
نهر الجوز
نهر صغير يجري في وادي الجوز ويمر بالجنوب من قلعة المسيلحة، ومن هناك تذهب منه قناة إلى البترون فتسقي ما حولها من البساتين، أصله عين ماء غزيرة بمغارة فوق كفر حلدا، وهو يصب في بحر الروم بالقرب من البترون وطوله خمسة عشر ميلا، وعلى إحدى ضفتيه آثار قنوات محكمة الوضع جرت فيها مياهه إلى البترون.
نهر إبراهيم
نهر كبير لقبه القدماء بنهر أدوني
3
وهذا النهر يخرج من مغارة أفقا بالقرب من العاقورة، ومجراه إلى الجنوب الغربي، ومصبه في بحر الروم إلى الجنوب من مدينة جبيل، وبينه وبينها نيف وخمسة أميال وطوله ثمانية عشر ميلا، وأما ينبوع تلك المغارة، فيقال إنه من بحيرة اليمونة في لحف المكمل يجري إليه الماء من منفذ في غورها في قلب الأرض، واستدلوا على ذلك بأن التغييرات التي تحدث في تلك البحيرة تؤثر في نبع أفقا، وأما مياه هذا النهر فلا ينتفع منها إلا متى دنت من جبيل. وفي سنة 695ب.م بنى له سابع أمراء المردة الأمير إبراهيم ابن أخت القديس يوحنا مارون قنطرة كبيرة لا نظير لها بين قناطر هذه البلاد في الطول والارتفاع وهي باقية إلى الآن، ومن أجل هذا لقب النهر بنهر إبراهيم؛ نسبة إليه. وإلى جانب هذا النهر قناة ذات قناطر متينة متقنة البناء تسمى قناطر زبيدة تجري عليها المياه التي كانت تؤخذ إلى جبيل، وقد درست ولم يبق منها إلا رسومها، وأما احمرار مائه فهو من فيضها وتعاليها حتى تتصل بأراض حمراء وانصباب سواق متعكرة مياهها إليه، وبنى رابع المتصرفين بلبنان المرحوم واصه باشا قنطرة لهذا النهر فهدمتها المياه، ثم عاد فبنى له نعوم باشا خامس المتصرفين جسرا من حديد في سنة 1894.
Bilinmeyen sayfa