محمد، فأمر الله ﷿ أن ينسب الناس إلى آبائهم وأن لا ينسبوا إلى من تبنّاهم فقال: ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ﴾ أي لا حقيقة له في الواقع والله يقول الحق أي ما له حقيقة عينية وهو يهدي السبيل، ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله هو: أي دعوتهم لآبائهم، وأقسط: أعدل، ومعناه البالغ في الصدق ﴿فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾. . .
والأحاديث في ذلك متوافرة، فمنها قوله صلوات الله عليه: (الولد للفراش وللعاهر الحَجرُ). . . يعني أن الولد لصاحب الفراش، من السيد أو الزوج، وللزاني الخيبة والحرمان، وهذا كما تقول: مالك عندي شيء غير التراب، وما بيدك غير الحَجر، وذهب قوم إلى أنه كنّي بالحَجر عن الرجم، قال ابن الأثير: وليس كذلك لأنه ليس كلُّ زانٍ يُرجم. . . وقالوا في التعريض بالنسب - والقائل أبو نواس:
إذا ذَكَرْتَ عَدِيًَّا في بني ثُعَلٍ ... فقدِّم الدَّالَ قبلَ العينِ في النَّسَبِ
ودخل ابن مُكرّم على أبي العيناء - صاحب النوادر والمجون وكان ضريرًا - ليهنيه بابنٍ وُلد له، فوضع عنده حَجرًا، فلما خرج أُخبر أبو العيناء، فقال: لعن اللهُ هذا، أما تعلمون ماذا عَنَى؟ إنما أراد قول رسول الله: (الولد للفراش وللعاهر الحجر). . .
ولقي رجلٌ رجلًا فقال له: ممن أنت؟ قال: قُرشي والحمد لله، فقال: الحمد لله في هذا الموضع ريبة. . وقال زياد بن أبيه - وهو ابن أبي سفيان لرببة - لرجل: يا دَعيّ، فقال: الدِّعْوة قد تشرّف بها المُدَّعي عليّ، فكيف عيّرَ بها!
1 / 61