بَرَزَتْ صحيفةُ وجْهِ والده ... ومَضى على غُلَوائِه يجري
أولى فأولى أن يساويَه ... لولا جَلالُ السِّنِّ والكِبْرِ
وهُما وقد بَرزَا كأنّهما ... صَقْرانِ قد حَطَّا إلى وَكْرِ
قولها: مُلاءة الحضر: فالحضر: العَدْو والجري، وإنما تريد بملاءة الحضر: الغبار وكأن
عَديَّ ابن الرِّقاع نظر إلى هذا في قوله يصف حمارًا وأتانًا:
يتعاورانِ في الغُبارِ مُلاءةً ... بيضاَء مُحدَثَةً هُما نَسَجَاها
ونزت القلوب: يريد طمحت واشرأبت لتعرف من السابق، ولُزَّت: قرنت والعذر: جمع عِذار وهو ما سال من اللجام على خد الفرس، ويروى القَدر بالقَدر، والقدر: المنزلة، والكِبر: أظنها بضم الكاف بمعنى الأكبرِ أي ولولا جلال الأكبر، ولك أن تقرأها الكبر بكسر الكاف أي الكِبرَ ولكنها أسكنت الباء ضرورة.
أما الإسلام فقد عد الشرف والحسب إنما هو بالتقى فقال سبحانه: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾، قال بعضهم: ما أبقى الله بهذه الآية لأحد شرفَ أبوّة. . . ورأى عمر بن الخطاب رجلًا يقول أنا ابن بطحاءِ مكة، فوقف عليه وقال: إن كان لك دينٌ فلك شرف، وإن كان لك عقلٌ فلك مروءة وإن كان لك علم فلك شرف، وإلا فأنت والحمار سواء، وقالوا: كان الشرف في الجاهلية بالبيان والشجاعة والسماحة، وفي الإسلام بالدين والتقى. . .
وقالوا في الدِّعْوة: أي ادّعاء الولد الدَّعِيِّ غيرَ أبيه، أي انتسابَه إلى غير أبيه، وقد كانوا يفعلون ذلك في الجاهلية، فنهى الإسلام عنه، وكان سيدنا رسول الله قد تبنّى زيد بن حارثة عتيق الرسول، فكانوا يقولون له: ابن
1 / 60