Vicdan: Çok Kısa Bir Giriş
الضمير: مقدمة قصيرة جدا
Türler
إن الضمير يتحدث من موقع مشترك مع النفس، لكنه يضم بعض العناصر ووجهات النظر الخارجية على النفس. ويكمن أحد المفاتيح الرئيسة للتناقض بين موقع الضمير وسلوكه في أصل الكلمة اللاتينية نفسها: «كون» + «شينتيا»؛ فكلمة «شينتيا» تعني المعرفة، لكنها معرفة مشتركة، أو «كون». والضمير هو معرفة الذات، لكنه يشير أيضا إلى المعرفة المشتركة مع شخص آخر أو أشخاص آخرين، أو انعكاسيا معرفة الذات عن طريق الذات. وهكذا يبدو أن الضمير يتحدث إلينا من الداخل كمعرفة داخلية - معرفة يشعر بها المرء في داخله - لكنه يدل أيضا على معرفة خارجية أكثر شمولا بشئون العالم، فهو ينتبه على سبيل المثال لما يفعله «الآخرون» وما فعلوه، أو لحقيقة أن العديد من رفاق أوغسطين قد تحولوا إلى المسيحية بالفعل.
كانت «شخصية» الضمير - التي يميزها نفاد الصبر وأيضا قدر من سرعة الغضب - مشكلة بالفعل على نحو كامل وسليم. وعلى الرغم من أنه جزء جوهري من أوغسطين، فإنه نادرا ما يعد محرضا له على الخطأ، وهو صوت «المعارضة المخلصة»، وهي مخلصة لكنها في الوقت ذاته عنيفة. استخدم أوغسطين هنا كلمة
increpare
بمعنى يتمتم، لكن من المعاني الأخرى للكلمة التوبيخ والتقريع، وهو ما يفعله ضمير أوغسطين بكثرة، حيث كان يهاجم أوغسطين لمراوغته الروحية مستعرضا قدرته على «إزعاجه» وإثارة شعوره بالخزي، وهي خصائص الضمير التي ما زالت تلازمه حتى اليوم. ولا تضم ترسانة أسلحته من الحيل المميزة الإلحاح المستمر فحسب، بل أيضا المحاكاة القاسية لنوبات التردد لدى أوغسطين وتبريراته. وأفضل ما يمكننا قوله عن الضمير أن قوته الدافعة إيجابية وحريصة على التحسين الذاتي، وصوته يسعى إلى اتخاذ إجراءات، وهو لن يصمت حتى يحقق أهدافه.
لماذا يحتمل أوغسطين ذلك الوجود المشترك العنيد صعب الإرضاء؟ من ناحية لأن الضمير موجود بالفعل داخل أسوار الذات، ويجب على أية حال أن يؤخذ في الاعتبار، ومن ناحية أخرى لأنه يمتلك معرفة وسلطة خاصتين من نوع أكثر شمولا؛ فهي معرفة أكثر أهمية يجب أخذها في الاعتبار. وبوسعنا أن نصوغ ذلك بطريقة مختلفة قائلين: إن الضمير يعلم كل ما يعلمه أوغسطين (كل شيء عن أعوامه العشرة من المراوغة والتأخير) بالإضافة إلى المزيد (كل شيء عن الطبيعة السامية للمعرفة المسيحية واستغلال أصدقاء أوغسطين لوقتهم على نحو أفضل). ولما كان الضمير يستغل هذا الموقع الاستراتيجي الأسمى - على الحدود بين الذات والآخر - استغلالا كاملا، فإنه ملائم تماما كي يدعو أوغسطين نحو مرحلة جديدة من الوعي بذاته وبالخيارات التي كان يتخذها في العالم.
وعلى تلك الحال المتقلبة سلم الضمير المسيحي البدائي إلى الأجيال اللاحقة في الفترة التي نطلق عليها الآن العصور الوسطى عندما ازدهر ووضحت بعض تناقضاته الغزيرة تحت رعاية الكنيسة. وبوصفه صوتا يتأرجح ما بين الداخل والخارج، فهو يتناوب بين دوري الصديق والعدو؛ حيث يقوم أحيانا بدور المشجع المؤيد وأحيانا أخرى يقوم بدور إصلاحي قاس. وهو يعلم أسوأ نقاط ضعف المرء، لكنه يخاطبها في نطاق معايير شاملة وعقلانية، وهو في آن واحد يؤسس شعورا قويا بالفردية من ناحية، وانقساما دائما لتلك الذات بين الميل الخاص والإجماع العام من ناحية أخرى. ولما كان الضمير المسيحي متنوعا بالفعل منذ بداية نشأته - وبذلك المعنى فهو حيوي ومتقلب في الوقت ذاته - فقد ضمن تاريخا طويلا لاحقا من التأثير الضخم والخلاف العقائدي الدائم.
لكن من ناحية واحدة كان لاتحاد الكنيسة والضمير في العصور الوسطى تأثير باعث على الاستقرار؛ فلأول مرة أصبح الضمير - بدلا من التحول حسب تقلبات الموقف والرأي العام - مزودا بمحتوى راسخ في صورة اللاهوت المسيحي والأمثلة الواردة من الإنجيل والممارسات المؤسسية. واحتفظ الضمير في العصور الوسطى بقدرته على الحديث الداخلي ومخاطبة باطن المرء، لكن لا حاجة له في معظم الأحيان للتساؤل عما يقول بالضبط.
وقد صورت تلك الحال التي «ينشأ» فيها الضمير ولديه معلومات بالفعل عن السلوك القويم والإيمان الصحيح في إحدى دراسات القرون الوسطى الأكثر تفصيلا لذلك الموضوع، وهي دراسة الراهب البنيدكتي بيتر من سيل التي تحمل عنوان «عن الضمير»، حيث يجري إعداد قاعة احتفال رائعة لكن الضيف الرئيس لم يصل بعد:
تخيل مائدة عامرة بأصناف مختلفة من الطعام ... وهب أن كل شيء مهيأ بنظام تام بحيث لا تعوزه الأناقة، ولا يكون زائدا عن الحاجة أو باعثا على الضجر. لكن في الوقت الحالي هب أن أجمل الأماكن وأكثرها اتساعا - ذلك المخصص للملكة وربة البيت - خاليا ... وأخيرا تصل المرأة التي يتوارى كل من الشمس والقمر رهبة أمام جمالها، وبينما تجلس تغلق الأبواب ويكتمل ضيوف وليمة الزفاف. ويعلن اسمها للبلاط الملكي: هذه السيدة تدعى «الضمير».
ولما كان الضمير مرسلا من الله إلى الروح المسيحية المتقبلة، فإنه لا يأتي خاوي الوفاض، بل حاملا خزائن اللفائف التي لا تضم أوراق هويته ووصيته فحسب، بل أيضا محتويات غرفته الممتلئة. وتتكون تلك المحتويات - هنا وفي أماكن أخرى - من آراء معروفة على نطاق واسع يعتنقها كثير من الناس: كالشهادة الجماعية من القديسين وكهنة الاعتراف والمجالس والمجامع الكنسية المخول لها تفسير نسخة الكتاب المقدس المكتوبة باللغة اللاتينية.
Bilinmeyen sayfa