إن العرب إذا وصفت شيئا بصفة إنهم يتوجهون إلى معنى تلك الصفة ، وليس في صفاتهم ما يقتضي في لسانهم ، أنها هي هو أو غيره ، وإنما تدرك معرفة ذلك من وجه آخر من طريق من نظر في ذوات العالم ، وعلى أن الجسمية صفة الجسم ، وليس في ذلك ما يقتضي أنها غير الجسم ، وكذلك العرضية للعرض والخلق صفة الخلق ، وهي هو .
ذكر ما عارضنا به القوم والرد عليهم
اعلم أن القوم عارضونا بخمس هنات :
أولها : قالوا إذا زعمتم أن الذات واحدة ذات الباري سبحانه ، وأن صفاته هي هو ، علم الله هو الله ، وقدرة الله هي الله ، في أمثالها .
والثانية : إن أجزتم هذه فقولوا : الله هو العلم ، والله هو القدرة ، في أمثالها .
والثالثة : وقولوا : إن العلم هو القدرة ، والقدرة هي العلم ، أو غيرها ، في أمثالها .
والرابعة : أن معنى علم هو معنى قدرة ، ومعنى قدرة هو معنى علم ، أو غيرها ، في أمثالها .
والخامسة : أن هذه الصفات التي ذكرتم ثم وصفتم الله بها ، لا تخلوا أن تكون معنى أو غير معنى .
فإن كانت معنى ، فهو ما قلنا .
وإن كانت غير معنى ، فقد وصفتم الله تعالى بغير معنى .
الرد عليهم وبالله التوفيق
الأولى : أما قولهم : في علم الله أنه الله أو غيره ، فإن بعض أصحابنا يطلقون على صفات الله أن تقول : هي هو ، فتقول : علم الله هو الله لا غيره ، وقدرة الله هي الله لا غيره .
والأحسن عندي أن نقول : ليس هناك شيء غير الله .
وأما الثانية : أن تقول : الله هو العلم ، أو تقول : الله هو القدرة . العم أن اللغة منعت من إطلاق ذلك ، ولولا ذلك لما كان به بأس ، وقد جاء في اللغة إطلاقة في بعض الأسماء كقولك : الله الرب ، والله العدل ، والله الوتر ، والله هو الحق المبين .
Sayfa 61