وقد رأينا أصحابهما ينسبون لأنفسهم فضل هذا التحبيب بينهما إلى لطف وسيلتهم وبراعة مكيدتهم، ولكن حرص كل منهما على هذا العبث اللاذع بالآخر كان في ذاته دليلا على نمو الميل إليه، واستمكان الحب منه، وحين اعترفا به، لم يفارقا المجون لحظة، ولم ينصرفا من السخرية والتهكم ، ولم يسكنا إلى الجد غير مرة، عندما وقفا وقفة الدفاع عن البريئة المتهمة.
وليس من شك في أن شكسبير لم يخطئ المرمى، لأن المولعين بالنكتة ينتهون في أغلب الأحيان عند نقطة لا يرتضون اجتيازها، ما لم يشاءوا أن يؤخذوا مأخذ المهاذير المغفلين.
وسيرى القارئ كيف مضى شكسبير في تصوير بياتريس يحدثنا عن مدى اجتماع قوى العقل والحيوية وتفاعلهما في مثل تفاعل النار والماء، على حين جعل بنيديك الذي يكره النساء ويجاهر ببغضهن، يتحول ببراعة ظاهرة إلى فكرة الزواج، على أثر سماعه بنبأ حب بياتريس له.
وجاءت شخصية «هيرو» العروس التي اتهمت ظلما متقنة التصوير، متناقضة أبدع التناقض وشخصية الماجنة اللاذعة بياتريس، وبدت علاقة الفتاتين طبيعية تملك الإعجاب، فقد صور المؤلف «هيرو» قليلة الكلام عن نفسها، مستعينة عنه ببلاغتها في ذاتها، وجعل الأخرى تسمو عليها بروحها الجياشة وعقلها الجبار، وإن كانت «هيرو» إلى جانب جمالها ورقتها، قد أوتيت بوصفها بطلة القصة جمالا روحيا منقطع النظير.
وسيتبين القارئ أيضا أن الشاعر جعل، كلما مالت به القصة إلى ناحية الجد المفرط، يعود فيخفف من حدتها بمشاهد فكهة، ومحاورات طلية، وبخاصة المشهد الذي يتجلى فيه الشرطي المتعالم وأصحابه الذين استعان شكسبير بهم، إلى جانب عنصر الفكاهة في أشخاصهم وتصرفاتهم، على كشف المكيدة التي دبرها الحقود «دون جون» وخادمه «بوراشيو» بأسلوب مفعم مجانة وطريقة لطيفة المدخل على النفوس. (1)
أشخاص القصة:
دون بدرو:
أمير أراجون.
دون جون:
أخ له غير شرعي.
Bilinmeyen sayfa