وقال السيد الجليل قطاع المفاوز على قدم التوكل أبو عبد الله الفرحي قدس الله سره ونور ضريحه خرجت مرة أريد الزيارة من طريق المفاوز فوقعت في التيه فكنت فيه أياما حتى أشرفت على الموت فبينما أنا كذلك إذ رأيت راهبين يسيران كأنهما خرجا من مكان قريب يريدان ديرا لهما بالقرب فملت إليهما فقلت أين تريدان فقالا لا ندري فقلت من أين أتيتما قالا لا ندري قلت فتدريان أين أنتما قالا نعم نحن في ملكه وبين يديه قال فأقبلت على نفسي اقول لها راهبان يتحققان بالتوكل دونك ثم قلت لهما أتأذنان لي في الصحبة فقالا ذاك إليك قال فسرنا فلما أمسينا قاما إلى صلاتهما وقمت إلى صلاة المغرب فتيممت وصليت فنظرا إلي وقد تيممت قال فضحكا مني فلما فرغا من صلاتهما بحث أحدهما بيده فإذا بالماء قد ظهر وإذا بطعام موضوع قال فبقيت أتعجب من ذلك فقالا لي إدن وكل وأشرب قال فأكلنا وتوضأت وقاما فلم يزالا في صلاتهما وأنا في صلاتي حتى أصبحنا فصليت الفجر ثم قاما يسيران فساروا إلى الليل فلما أمسينا تقدم الآخر فصلى بصاحبه ثم دعا بدعوات ثم بحث الأرض بيده فنبع الماء وظهر الطعام فقالا لي ادن وكل وأشرب قال فأكلنا وشربنا وتوضأت للصلاة ثم نضب الماء وغار حتى لم يبق له أثر فلما كانت الليلة الثالثة قالا لي يا مسلم الليلة نوبتك قال فاستحييت من قولهما وداخلني من ذلك هم شديد قال فقلت في نفسي اللهم إني أعلم أن ذنوبي لم تدع لي عندك جاها ولكني أسألك وأتوسل إليك بنبيك المكرم عندك إلا تفضحني عندهما ولا تشمت بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم قال فإذا بعين خرارة وطعام كثير قال فأكلنا وشربنا ولم نزل على حالنا حتى بلغت النوبة الثانية إلى قال فدعوت بمثل ما دعوت أولا وتوسلت بالنبي صلى الله عليه وسلم فإذا بطعام إثنين وشراب إثنين دون ما كان قال فتقاصرت إلى نفسي وقصرت عن الأكل ورأيتهما أني آكل فسكتا عني قال وسرنا حتى بلغت النوبة الثالثة إلى قال فدعوت بمثل ما دعوت وتوسلت بالنبي صلى الله عليه وسلم وقوي حالي في أمر صدق توسلي به صلى الله عليه وسلم علمي بأنه وسيلة من قبلي فإذا بطعام إثنين والماء مثل ذلك فغمني ذلك قال فغلبتني عيناي من الهم خوف الشماته بديننا فإذا بقائل يقول لي أدركناك بالإيثار الذي خصصنا به محمد من دون الأنبياء وهي علامته وكرامة أمته من بعده إلى يوم القيامة قال فلما بلغت النوبة الرابعة إلى قالا بلي يا مسلم ما هذا إنا نرى في طعامك وشرابك نقصا فلم ذلك فقلت لهما أو لم تعلما أن هذا خص الله عزوجل به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم من بين الأنبياء وخص أمته به من بعده إن الله عزوجل يريد لي الإيثار وقد آثرتكما لإقتداء بنبي المكرم فقالا صدقت ثم قالا نشهد أن لا إله إلا الله ونشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق صدقت في قولك هذا خلق محمد في كتب الله المنزلة إن الله عزوجل خص محمدا وأمته بذلك قال وحسن اسلامهما قال ثم قلت لهما في الجمعة والجماعة فقالا ذلك واجب قلت نعم الله تعالى وادعوا أن يخرجنا من هذا التيه إلى أقرب الأماكن فدعوا فبينما نحن نسير إذا نحن ببيوت قد أشرفنا عليها فإذا هي بيت المقدس قال فدخلنا المسجد وأقمنا أياما ثم تجدد لي سفر ففارقتهما وقد مليء قلبي فرحا بإسلامهما وبصحبة توسلي بالنبي صلى الله عليه وسلم وأنه غياث الصادقين في محبة السالكين خلفه في صدقه مع ربه وصحة الإعتماد عليه فأنظر أرشدك الله كيف بصدق التوسل به جرى ما جرى من حصول
Sayfa 77