القرآن هو أشرف بيان وأهداه وأكمله وأعلاه وأبلغه وأسناه ، متضمن ثمرة كتبه تعالى التي أولاها أوائل الأمم ، كما نبه عليه بقوله سبحانه: { رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة } ( البينة / 2، 3)
الله من معجزته أنه مع قلة الحجم متضمن للمعنى الجم بحيث تقصر الألباب البشرية عن إحصائه والآلآت الدنيوية عن استيفائه { ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم } ( لقمان / 27)
كالبدر من حيث التفت رأيته يهدي إلى عينيك نورا ثاقبا
كالشمس في كبد السماء وضوؤها يغشى البلاد مشارقا ومغاربا
محاسن أنواره لا يثقفها إلا البصائر الجلية ، والقلوب النقية المؤيدة من الله بالتوفيق والعون .
( المصباح )(1) : البلاغة أشرف أنواع الأدب وأعلاها مكانة وخطرا ؛ لأنه علم لاستخراج أسرار البلاغة من معادنها ، والكشف عن محاسن النكت المودعة في مكامنها ، الذي هو منتقد قوى البصائر ومسبار غور الفهم والخاطر ومضمار ما يقع به التفاضل وينعقد بين الأماثل في شأنه التسابق والتناضل والذي إذا حذفت فيه
اطلعك على إعجاز نظم القران وعلى خباء انصبابه في تلك القواليب ووروده على
تلك المناهج والأساليب ، وأقدرك في نسج الكلام على مايشهد لك من البلاغة بالقدح المعلى وإن لك في إبداع وشيها اليد الطولى اه
(1) كتاب في البلاغة نفيس طبع حديثا لبدر الدين بن محمد بن مالك الإمام النحوي .
ولولا البلاغة ما كان للشعر قيمة ولا كانت له مزية ولا كان له في النفوس وقع .
إن من الغرابة أن يذم إنسان هذه اللذة الوجدانية ، أو يزهد فيها وهي كما رأيت من صفات القرآن وصفات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( أنا أفصح من نطق بالضاد ولا فخر ) إن هذا لمن التحير والانقطاع بمكان .
Sayfa 79