فإن قلت: الذي في دائرة المختلف وليس في هذه هو (فعولن وفاعلن)، فجاز أن يكونا مجتلبين إليها من دائرة المتفق، إذ لا يشترط في الاجتلاب أن يكون من دائرة واحدة. ولئن سلم فيكفي اختلاف البعض في التسمية، قلت: أورده الصفاقسي أيضًا ثم قال: (ويمكن أن يجاب عنه بأن مرادنا من الاستدلال أحد الأمرين، إما المانعية، وإما الترجيح، وما ذكرتموه إنما ينفي المانعية ولا يلزم من انتفائها انتفاء الترجيح.
الدائرة الرابعة: دائرة المشتبه وإليها أشار بالشين من قوله (شم) والميم ملغاة ولا لبس يلحق بإلغائها لأنها ليست من حروف الرمز أصلًا ورأسًا. وهي مسدسة الأجزاء ولم يحتج إلى التنصيص على تسديسها لما سبق.
وتشتمل على تسعة أبحر منها ستة مستعملة، والثلاثة الباقية مهملة.
فأما المستعملة فالأول منها بحر السريع. ووزنه (مستفعلن مستفعلن مفعولات)، ومثلها. أشار إلى الجزأين الأولين بالواوين المتتاليتين من قوله (ووطء) المشار بها إلى (وقعيهما وقعيهما) وأشار إلى الجزء الثالث بالطاء المشار بها إلى (طولاهن) .
فكأنه يقول: دائرة المشتبه منها بحر وزنه: (وقعيهما طولاهن) ومثلهن.
الثاني: بحر المنسرح، ووزنه (مستفعلن مفعولات مستفعلن)، ومثلها. أشار إلى هذه الأجزاء مرتبةً على هذا النمط بالواوين والطاء من قوله (وطول) المشار بهن إلى (وقعيهما طولاهن وقعيهما) كما سلف واللام لغو ليست من أحرف الرمز المشار به إلى الأجزاء ولا تلتبس باللام المرموز بها لدائرة المجتلب لما سبق.
الثالث: بحر الخفيف، وزنه (فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن) ومثلها. وفاعلاتن هذه مجموعة الوتد ومستفع لن مفروقته كما سينطق لك به فك الدائرة بإذن الله تعالى. وأشار الناظم إلى أجزاء هذا البحر الثلاثة مسوقة على هذا الترتيب بالزائين والتاء بينهما من قوله: (عزيز)، المشار بهن إلى (زائرائي يعتادها زائرتي) والعين ملغاة لا يقع بها التباس أصلًا، وكذا الكاف والميم الواقعان بعد الرمز.
الرابع: بحر المضارع، ووزنه (مفاعيلن فاع لاتن مفاعيلن)، وثلها.
(وفاع لاتن) هذه مفروقة الوتد لما ستعرفه. وأشار الناظم إلى ذلك بالباءين والدال الواقعات في قوله (بدعبلكم) المشار بهن إلى (بسهميهما دار كوني بسهميهما) والعين واللام والكاف والميم كلها ملغاة لا ينشأ بإلغائهن ليس كما سبق.
الخامس: بحر المقتضب ووزنه (مفعولات مستفعلن مستفعلن) ومثلها.
(ومستفعلن هذه مجموعة الوتد. وأشار الناظم إلى ذلك بالطاء والواوين بعدهما من قوله (طووا) المشار بهن إلى (طولاهن وقعيهما وقعيهما) . فإن قلت: الألف بعد (طووا) ملغاة والالتباس بإلغائها واقع فإنها من الأحرف المرموز بها للأجزاء، وهي رمز (لأصابت)، قلت: لا إلباس، وذلك لأنه قد علم أن كل بيت في الدائرة مركب من مصراعين، وكل مصراع منهما مماثل للآخر، فلو كانت الألف مشارًا بها إلى (أصابت) للزم أن يكون هذا البحر مثمنًا.؟ والغرض أنه مسدس، وأيضًا فقد علم أنه لا خماسي بهذه الدائرة من الأبحر السابقة فانتفى اللبس واتضح الأمر.
السادس: بحر المجتث ووزنه (مستفع لن فاعلاتن) ومثلها. (ومستفع لن) هذه مفروقة الوتد، (وفاعلاتن) مجموعته كما يتبين لك. وأشار الناظم إلى هذه الأجزاء مسرودةً على هذا الوجه بالياء والزايين بعدها من قوله (يعزز) المشار بهن إلى (يعتادها زائراتي زائراتي)، والعين ملغاة، ولا لبس. فهذه الأبحر الستة هي المستعملة من أبحر هذه الدائرة، وأما المهملة فثلاثة كما سبق.
البحر الأول بحر وزنه (فاعلاتن فاعلانت مستغفع لن)، ومثلها (ومستفع لن) هذه مفروقة في الوتد لأنه مكان (لات) من (مفعولات) الذي هو الجزء الثالث من بحر السريع، وذلك لأن ابتداء (مستفع لن) من عينه كما ستراه.
ولم تضع العرب عليه شيئًا، وبيته من شعر المولدين:
ما لِسلمى في البرايا من مُشبهٍ ... لا ولا البدرُ المنير المُسْتكملُ
1 / 16