وبعد:
فلما وقفت على ما جمعه الناس قديما وحديثا، من المجاميع في سير النبي ﷺ ومغازيه وأيامه، إلى غير ذلك مما يتصل به، لم أر إلا مطيلا مملا، أو مقصرا بأكثر المقاصد مخلا، والمطيل إما معتن بالأسماء والأنساب والأشعار والآداب، أو آخر يأخذ كل مأخذ في جمع الطرق والروايات، ويصرف إلى ذلك ما تصل إليه القدرة من العنايات، والمقصر لا يعدو المنهج الواحد، ومع ذلك فلا بد وأن يترك كثيرا مما فيه من الفوائد، وإن كانوا ﵏ هم القدوة في ذلك، ومما جمعوه يستمد من أراد ما هنالك، فليس لي في هذه المجموع إلا حسن الإختيار من كلامهم، والتبرك بالدخول في نظامهم، غير أن التصنيف يكون في عشرة أنواع كما ذكره بعض العلماء، فأحدها جمع المتفرقات، وهو ما نحن فيه، فإني أرجو أن الناظر في كتابي هذا لا يجد ما ضمنته إياه في مكان ولا مكانين ولا ثلاثة ولا أكثر من ذلك، إلا بزيادة كثيرة تتعب القاصد، وتتعذر بها على أكثر الناس المقاصد، فاقتضى ذلك أن جمعت هذه الأوراق، وضمنتها كثيرا مما انتهى إليّ من نسب سَيِّدُنَا وَنَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ومولده، ورضاعه، وفصاله [١]، وإقامته في بني سعد، وما عرض له هنالك من شق الصدر وغيره، ومنشأه، وكفالة عبد المطلب جده إياه إلى أن مات، وانتقاله إلى كفالة عمه أبي طالب بعد ذلك، وسفره إلى الشام، ورجوعه منه، وما وقع له في ذلك السفر من إظلال الغمامة إياه، وأخبار الكهان والرهبان عن نبوته، وتزويجه خديجة ﵍، ومبدأ البعث والنبوة، ونزول الوحي، وذكر قوم من السابقين الأولين في الدخول في الإسلام، وما كان من الهجرتين إلى أرض الحبشة، وانشقاق القمر، وما عرض له بمكة من الحصار بالشعب، وأمر الصحيفة، وخروجه إلى الطائف، ورجوعه بعد ذلك إلى مكة، وذكر العقبة، وبدء إسلام الأنصار، والإسراء والمعراج، وفرض الصلاة، وأخبار الهجرة إلى المدينة، ودخوله ﵇ المدينة ونزوله حيث نزل، وبناء المسجد، واتخاذ المنبر، وحنين الجذع، ومغازيه وسيره وبعوثه، وما نزل من الوحي في ذلك، وعمره، وكتبه إلى الملوك، وإسلام الوفود، وحجة الوداع، ووفاته ﷺ، وغير ذلك، ثم أتبعت ذلك بذكر أعمامه وعماته، وأزواجه وأولاده، وحليته
_________
[(١)] الفصال: فطام المولود، قال ﷿: وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا.
1 / 10