[مقدمة المؤلف]
بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله محلى محاسن السنة المحمدية بدرر أخبارها، ومجلي ميامن السيرة النبوية عن غرر آثارها، ومؤيد من اقتبس نور هدايته من مشكاة أنوارها، ومسدد من التمس عن حمايته من أزرق سنانها [١] وأبي بتارها، ومسهل طريق الجنة لمن اتبع مستقيم صراطها، واهتدى بضياء منارها، ومذلل سبيل الهداية لمن اقتفى سرائر سيرها وسير أسرارها ... أحمده على ما أولى من نعم قعد لسان الشكر عن القيام بمقدارها.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تبلغنا من ميادين القبول غاية مضمارها، وتسوغنا من مشارع الرحمة أصفى مواردها، وأعذب أنهارها.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي ابتعثه وقد طمت بحار الكفر بتيارها [٢]، وطغت شياطين الضلال بعنادها وإصرارها، وعتت طائفة الأوثان وعبدة الأصنام على خالقها وجبارها، فقام بأمره حتى تجلت غياهب [٣] ظلمها عن سنا أبدارها، وجاهد في الله حق جهاده حتى أسفر ليل جهلها عن صباح نهارها، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين حازت نفوسهم الأبية من مراضيه غاية أوطارها [٤]، وفازت من سماع مقاله ورواية أحواله ورؤية جلاله بملء مسامعها وأفواهها وأبصارها، وسلم تسليما كثيرا.
_________
[(١)] السنان: نصل الرمح.
[(٢)] يقال: طما الشيء طموا أي ارتفع، ويقال: طما الماء أي ارتفع وملأ النهر.
[(٣)] الغيهب: الظلمة.
[(٤)] الوطر: الحاجة فيها مأرب وهمة، وجمعها: أوطار، يقال: قضى منه وطره أي نال منه بغيته.
1 / 9