ثلاثمائة خيمة، وحاصروا الإسكندرية أيامًا. ففتح المسلمون أبواب المدينة بالليل، وكبسوا الفرنج على غفلة، فأفنوهم قتلًا وأسرًا (^١)، وغنموا جميع ما أحضروه، وغنموا بعض المراكب، وأقلعوا بعض المراكب الباقية. وحين زالت أيام الفاطميين أعاد الله هذه البلاد إلى أهلها من السادة المسلمين.
وقد قال حسان (^٢) الشاعر المدعو عرقلة:
أَصْبَحَ الْمُلْكُ بَعْدَ آَلِ عَلِىٍّ … مُشْرِقًا بِالْمُلُوكِ مِنْ آلِ شَاذِي
وَغَدا الشَّرْقُ يَحْسُدُ الْغَرْبَ لِلْقَوْ … م وَمِصْرُ تَزْهُو عَلَى بَغْدَاذِ
مَا حَوَوْها (^٣) إِلَّا بِعَزْمٍ وَحَزْمٍ (^٤) … وَصَلِيلِ الفُؤادِ مِنْ فُولَاذِ (^٥)
[لا] (^٦) كَفِرْعَوْنَ وَالْعَزِيزِ وَمَنْ كَا … نَ بِهَا كَالْخَصَيبِ (^٧) وَالأُسْتَاذِ
وقال الشيخ شهاب الدين أبو شامة (^٨): يعني بالأستاذ كافور الإخشيدي. وقوله: آل علىٍّ يعنى الفاطميين على زعمهم؛ لأنهم ما كانوا فاطميين، وإنما كانوا أدعياء.
وقال أبو شامة (^٩): وقد أفردت كتابًا سميَته "كشف ما كان عليه بنو عُبيد من الكفر والكذب والكيد" (^١٠). وكذا صنف العلماء في الرد عليهم كتبًا كثيرة. ومن أَجَلِّ ما وضع في ذلك (^١١): كتاب القاضي أبي بكر الباقلاني الذي سماه كتاب "كشف الأسرار وهتك الأستار".
_________
(^١) "وأسروا" في نسخة ب.
(^٢) هو: أبو الندى حسان بن نُمير الكلبي المعروف بعرقله الكلبي. كان شاعرًا خصيصًا بالأمراء السادة بني أيوب. ولد سنة ٤٨٦ هـ/ ١٠٩٣ م، وتوفي سنة ٥٦٧ هـ/ ١١٧٢ م. انظر ترجمته في الخريدة. قسم شعراء الشام، جـ ١، ص ١٧٨ وما بعدها. وانظر هذه الأبيات ص ٢٠٣ - ٢٠٤ في الجزء نفسه.
(^٣) "حواها" في الخريدة، قسم شعراء الشام، جـ ١، ص ٢٠٣.
(^٤) "بحزم وعزم" انظر الخريدة، قسم شعراء الشام، جـ ١، ص ٢٠٣؛ الروضتين جـ ١ ق ٢، ص ٥٠٩.
(^٥) "وصليل الفولاذ في الفولاذ" كذا في الروضتين، جـ ١ ق ٢، ص ٥٠٩؛ الخريدة: قسم شعراء الشام، جـ ١، ص ٢٠٣ - ٢٠٤.
(^٦) "بها" في الأصل. والمثبت من الخريدة؛ والروضتين جـ ١ ق ٢، ص ٥٠٩.
(^٧) الخصيب: هو الخصيب بن عبد الحميد، والي خراج مصر زمن الرشيد. وإليه تنسب منية ابن خصيب. انظر: الخريدة، قسم شعراء الشام، جـ ١، ص ١٧٩، حاشية ٦.
(^٨) انظر: الروضتين، جـ ١ ق ٢، ص ٥٠٩. حيث ينقل العيني عنه.
(^٩) انظر الروضتين، جـ ١ ق ٢، ص ٥١٤ - ٥١٥. حيث ينقل العينى عنه باختصار شديد.
(^١٠) لم نعثر على هذا الكتاب في المصادر التي بين أيدينا.
(^١١) عن هذه القضية وصحة نسب الفاطميين انظر: اتعاظ الحنفا، جـ ١، ص ٢٢ وما بعدها.
1 / 81