prosimetrum/Menippean satire ) وهو شكل ارتبط بالأعمال التي تسخر من التظاهر الكاذب بالعلم وادعاء الحكمة، في زمن كان فيه المؤلفون يولون اهتماما كبيرا بالجنس الكتابي؛ فخلص من ذلك إلى أن بوئثيوس ربما يلمح إلى أن سلطة الفلسفة ينبغي ألا تعد سلطة كاملة، فإذا أضفنا إلى ذلك تغير الاتجاه وفقدان الترابط وفشل حجة سبق العلم، لقويت لدينا الظنون بأن هذه كلها مظاهر مقصودة يتعين على الشارح تفسيرها.
وقد تمادى بعض الباحثين، مثل جول ريليهان
Joel Relihan ، في هذه الشكوك حتى خلص إلى أن علينا أن نفهم «العزاء» فهما تهكميا
ironically ، على أنه تبيان لقصور الفلسفة وعجزها عن أن تقدم عزاء، على العكس من الإيمان المسيحي.
هذا غلو في الرأي لا يستقيم مع الوقائع الثابتة؛ فالمؤلف يبذل في كتابه جهدا كبيرا في عرض الحجج وتفصيلها، والخطوط الرئيسة في تفكير «الفلسفة» تنسجم تمام الانسجام مع الميتافيزيقا التي تنضح بها رسائل بوئثيوس اللاهوتية، بل مع تعليقاته المنطقية في بعض الأحيان.
ويقتضينا القصد أن نأخذ في «العزاء» بظاهر المعنى، على أن نضع في الاعتبار أن المؤلف لا يغفل حدود العقل وحدود الفلسفة، بل يعترف بها على لسان «الفلسفة» ذاتها في النص؛ فهي تقدم حججا وحلولا مقبولة للمشكلات، وتقدم منهجا للعيش ينبغي اتباعه، غير أنها تعجز عن تقديم فهم شامل ومترابط لذات الله وعلاقته بمخلوقاته، وبذلك تترك للدين مجاله وتترك للتسليم عمله، إنها تعرف ذلك وتعترف به وتضعه موضعه في النظام الفلسفي نفسه.
من العقل أيضا أن يعرف العقل حدوده.
رواج في العصر الوسيط وكساد في العصر الحديث؟!
لعل ذائقة القارئ أن تنبئه الآن ماذا وجدت العصور الوسطى في «عزاء الفلسفة».
لقد وجدت فيها إيمانها، أو بالأحرى وجدت المبرر الفلسفي لهذا الإيمان.
Bilinmeyen sayfa