ف : «حين يسعى امرؤ إلى الثروة بأن يحاول أن يتجنب الفقر، فإنه لا يعمل على نيل القوة، وهو يفضل أن يكون مغمورا وخاملا، بل ويحرم نفسه من مسرات الطبيعة لكي لا يفقد المال الذي حازه، ولكن من المؤكد أنه لا يحقق اكتفاء بهذه الطريقة، إذ هو مفتقر إلى النفوذ ومعرض للمضايقات، وهو قليل الشأن لأنه قليل الاعتبار مغمور خامل نكرة، وإذا سعى امرؤ إلى السلطة وحدها فإنه يبدد المال ويضحي بالثروة، ويحتقر المسرات والشرف ويرى المجد غير ذي قيمة، ولكن بوسعك أن ترى كم يخسر هذا الشخص: تعوزه دوما ضرورات الحياة، ويتملكه القلق ويستبد به، فيفتقد السلطة أيضا التي يريدها فوق كل شيء، والشيء نفسه ينطبق على الشرف والمجد والملذات، فكلها سواء، ومن ثم فإن الذي يسعى إلى واحدة منها بحيث يقصي الأخريات لن يظفر حتى بالتي يسعى إليها.»
ب : «ماذا إذن لو أراد شخص ما أن يظفر بهن جميعا في الوقت نفسه؟»
ف : «عندئذ سيكون راغبا في مجموع السعادة، ولكن أتظن أنه واجدها بين هذه الأشياء التي أثبتنا أنها عاجزة عن أن تقدم ما تعد به؟»
ب : «لا.»
ف : «من المحال إذن أن يجد السعادة في هذه الأشياء التي يظن أنها تحقق كلا من الحالات المطلوبة على حدة؟»
ب : «صدقت، ولا يمكن أن يقال ما هو أصدق من ذلك.»
ف : «لديك إذن طبيعة السعادة الزائفة وسببها معا، فلتحول نظرتك الآن في الاتجاه المقابل ولسوف ترى لتوك السعادة الحقيقية التي وعدت بأن أبينها لك.»
ب : «إنها لواضحة حتى لمن هو أعمى، ولقد كشفتها الآن عندما كنت تحاولين الكشف عن أسباب السعادة الزائفة، فالسعادة الحقيقية والكاملة، إن لم يجانبني الصواب، هي ذلك الذي يجعل الإنسان مكتفيا وقويا وجديرا بالاحترام ومجيدا ومبتهجا، ولكي أثبت لك أنني على فهم عميق للأمر، أقول إن بوسعي، دون أدنى شك، أن أرى أن هذه هي السعادة الحقيقية التي يمكن أن تضفي بالفعل أي واحدة من هذه الحالات، حيث إنها جميعا شيء واحد.»
ف : «بوركت يا بني، فقط أريد أن أضيف شيئا واحدا.»
ب : «ما هو؟»
Bilinmeyen sayfa