وجود ، والذي يكون لغيره منه ، وهو أن يوصف بأنه موجود ، يكون له في ذاته ، وهو نفس ذاته ، كما أن التقدم والتأخر لما كانا فيما بين الأشياء الزمانية بالزمان ، كانا فيما بين أجزائه بالذات ، من غير افتقار إلى زمان آخر.
سؤال : فيكون كل وجود واجبا ؛ إذ لا معنى للواجب سوى ما يكون تحققه بنفسه.
جواب : معنى وجود الواجب أنه بمقتضى ذاته ، من غير احتياج إلى فاعل وقابل ، ومعنى تحقق الوجود بنفسه ، أنه إذا حصل إما بذاته ، كما في الواجب ، أو بفاعل ، كما في غيره ، لم يفتقر إلى وجود آخر يقوم به ، بخلاف غيره من الماهيات ، وهذا لا ينافي إمكانه الذاتي ؛ لأن معنى الإمكان في الوجود أن يكون تعلقي الذات ، ارتباطي الحقيقة ، وهو يجامع الضرورة الذاتية ، بل هو عينها. وأما الإمكان بمعنى لا ضرورة الوجود والعدم ، فهو مختص بالماهيات.
كذا أجاب أستاذنا الأجل صدر الدين محمد بن إبراهيم الشيرازي (1)،
وهو من عظماء الفلسفة الإلهيين ، الذين لا يجود بهم الزمن إلا في فترات متباعدة من القرون ، وهو يعد المدرس الأول لمدرسة الفلسفة الإلهية في هذه القرون الثلاثة الأخيرة في البلاد الإسلامية الإمامية ، والوارث الأخير للفلسفة اليونانية والإسلامية ، والشارح لهما والكاشف عن أسرارهما.
ولا تزال الدراسة عندنا تعتمد على كتبه ، لا سيما «الأسفار» ، الذي هو القمة في كتب الفلسفة ، قديمها وحديثها ، والأم لجميع مؤلفاته هو.
ونقل عن المحقق الشيخ محمد حسين الأصفهاني أنه كان يقول : «لو أعلم أحدا يفهم أسرار كتاب الأسفار لشددت إليه الرحال للتلمذة عليه ، وإن كان في أقصى الديار».
Sayfa 65