============================================================
ثقلها وكلما زاد ثقلها تكدر القلب، والقلب يتبرم بما يوجب كدورته، لأن الكدورة خلاف طبعه الذي فطر عليه من الصفاء.
وسبب زيادة ثقل النفس بعد الرجوع من الصحراء أنها كانت في الصحراء مسترسلة في تناول هواها بالتنزه فيها، وهذا يوجب غلظها وتقويتها، فظهر حينئذ أن الخروج إلى الصحراء كان عين الداء بحسب ما يؤول إليه، وقد كان العبد أولا يظن أنه ترويح القلب وهو دواه، ولا يظن أنه نشاط النفس، ولكن بعد عوده إلى خلوته تبين له خطأ ظنه وإن كان ملبسا عليه، فلو صبر العبد على وحدته في محل خلوته ولم يكن خرج إلى الصحراء لزادت نفسه ذوبانا بصنع هواها وخفث، وكلما خفث لطفت، وكلما لطفت صارت قرينة صالحة للقلب فلا يستثقلها.
يقاس على هذا الترؤح بالصحراء الذي ظهر في العاقبة أنه كان عين الداء الترؤح بالأسفار، فإنه ربما يظهر كذلك، إلا إن علم بعلم خاص يقيني أن ليس خاطر السفر وتحوه من النفس، فليمضه بحسن النية طالبا من الله العصمة من نفسه.
سكون القلب إلى النفس: وقد يكون ذلك الخاطر الذي تقدم الكلام فيه بنهوض القلب كما يظن العبد، لكنه قلب فيه تفاق مع صاحبه لسكونه إلى النفس مع إخفاء ذلك على صاحبه، قال بعض العارفين قدس الله سره: منذ عشرين سنة ما سكن قلبي إلى نفسي ساعة. فلولا أن للقلب سكونا إلى النفس لما كان لنفيه عنه معنى، فتظهر من سكون القلب إلى النفس خواطر تشبه الخواطر
Sayfa 31