العرف العاطر يفمعرفة الخواطر وغيرها من الجواهر ابوالمراحد عبد الرحمن بن مصطفى بن شيخ العيد موس
Sayfa 3
============================================================
EMPTY PAGE?
Sayfa 6
============================================================
المحتويات الحتويات قدة مقدمة العرف العاطر القرآن له ظهر وبطن أهمية معرفة الخواطر أسباب اشتباه الخواطر مرفة النفس أعظم آفات النفس الكمل وآفات النفس النفس هي العدو الاكبر كيفية إماتة التفس بب بة الفس القرق بين هواجس التفس ووساوس الشيطان الواردات أعم من الخواطر الكامل في الطريق والقاصر 2 تلبيسات النفس وكيفية التفريق بينها س سكون القلب إلى التفس جهات ورود الخواطر تأثير نور الذكر على الشيطان س
Sayfa 7
============================================================
صورة المشيخة الكاملة ضرورة صحبة المشايخ أعلى رياضات النفس احوال الشيخ مع المريد لكل ذكر تنوير خاص س علاج انحراف مزاج الذاكر كيفية تجوهر القرآن بالقلب أسرار الصلاة وعجائبها حال من تجوهر الذكر والقرآن بقلبه الكشف الصريح علامة الحلاوة غير المدخولة س احوال العارفين حرارة الذكر الدكر سلطان الذكر الجامع لجميع الخواص حالات الوجد اصثاف الصادقين في دخول الخلوة شروط كمال الخلوة الثوع الثاتي من أصحاب الخلوة أضرار الخلطة الشيخ الكامل والخلوة
Sayfa 9
============================================================
ضرورة اثخاذ الخلوة الحذر من دعوة طيبة القلب
الفقر والرجوع إلى الله في الخلوة س 9 الفترة وكيفية التعامل معها
تصرف الكامل حال الفترة خلوة أرباب البصائر الشيطان قاطع طريق س الحكمة في إجراء الخوارق من آداب المريد تداخل الأحوال والمقامات كمال مقام السالك س طريق العثور على المرشد الكامل وصايا أحمد بن موسى المشرع س ما يخاف منه على السالك التجلي بطريق الأفعال س الفثاء مقام الفناء أسباب خشية العلماء الزهد والتقوى مفتاح الطريق علوم القرآن وفهومه مرتبة العلم والمعرفة بالله
Sayfa 10
============================================================
عظمة أعمال أهل القلوب افضلية العلم بالله على العلم المجرد فضل المجاهدات ارتباط الأسباب بالمسببات أتواع أفعال الله وجوب العمل بالعلم نور المعرفة بالله تعال فوائد شعريه ونثريه مصادر ومراجع التحقيق
Sayfa 11
============================================================
EMPTY PAGE?
Sayfa 12
============================================================
مقلمت يتناول كتاب "العرف العاطر في معرفة الخواطر وغيرها من الجواهر" مفهوم الخواطر التي تغرض للنفس الإنسانية، وبيان سبب حدوثها وأنواعها وكيفية دواءها. وهذا الكتاب هو شرح لمنظومة المؤلف في الخواطر.
ومؤلف الكتاب هو الإمام السيد أبو المراحم، عبد الرحمن بن مصطفى بن شيخ العيدروس(1)، ينتهي نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. ولد بتريم (في حضرموت) سنة 1135ها 1723م، وتعلم في حداثة سنه علوم القرآن وارتاد مجالس العلم والغلماء، ثم واصل لقاء المشيخة فتلقى علومه الدينية والشرعية والنقلية والعقلية على جماعة من العلماء الأعلام؛ منهم: جده العلامة شيخ بن مصطفى العيدروس، ووالده السيد العلامة مصطفى والسيد الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بلفقيه، كما أخذ العلم عن جماعة من مشايخ عضره من الهند ومكة المكرمة والمدينة المنورة والطائف ومصر وقام المؤلف - رحمه الله- بالعديد من الرحلات إلى أقطار كثيرة، وقد بدأ هذه الزيارات منذ وقت مبكر من حياته؛ إذ زار الهند وعمره 18 سنة برفقة والده واتصل هناك بعلماء الهند وزار بلاد جاوه، ثم قام برحلة إلى الحجاز وأدى مناسك الحج وتنقل في الإقامة بين المدينة ومكة والطائف، (1) اتظر ترجمته في: سلك الدرر للمرادي 2: 328، وعجائب الآثار للجبري 2: 28 35، وفهرس الفهارس والأثبات للكتاني 2: 739 - 742، والأعلام للزركلي 3: 338، ومعجم المؤلفين لكحالة1955.
Sayfa 13
============================================================
ومن الججاز توجه إلى مصر بطريق البحر من جدةه وأمضى وقت إقامته فيها بزيارة أضرحة وقبور الأولياء والعلماء بمصر، والتقى بكبار علماء مصر وجرت بينه وبينهم المذاكرة والمباحثة، ثم ارتحل إلى الشام فمر بعزة ونابلس ووصل إلى دمشق وأقام فيها مدة ثم عاد إلى مصر مرورا ببيت المقدس. كما ارتحل الشيخ أبو المراحم إلى اسطنبول فأمضى فيها نحو شهر وتصف وعاد منها إلى مصر:.
وكون الشيخ من خلال رحلاته الكثيرة العديد من العلاقات العلمية التي ربطته بتلاميذه في كل الأقطار التي زارها، ولازمه العديد منهم، وأجازهم بمروياته وقرا عليهم، منهم السيد الشيخ محمد بن مرتضى الحسني والشيخ سليمان الجمل والشيخ محمد التاودي والعلامة عبد الرحمن الجبرتي مؤلف كتاب لتاريخ الجبرتي" والسيد عبد الرحمن بن سليمان الأهدل وغيرهم وترك الشيخ العيدروس مؤلفات كثيرة، بين منثور ومنظوم، وتتوعت مواضيعها بين الحديث والتصوف والأذكار والمنظومات في مواضيع مختلفة، والتراجم والرحلات وغيرها من المواضيع التي تناولها الشيخ بالبحث والتأليف، وقد بلغت مؤلفاته نحو 67 مؤلفا منها: "الطائف الجود في مسألة وحدة الوجود"، ولاسلسلة الذهب المتصلة بخبر العجم والعرب"، و"القول الأشبه في حديث: من عرف نفسه عرف ربه".
وكانت وفاته - رحمه الله -في مصر سنة 1192ه/ 1778م
Sayfa 14
============================================================
بسم الله الرحمن الرحية بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وأولياء الله وبعد: فهذه تعليقة لطيفة على أبيات لنا منيفة، واسمها: "العرف(1) العاطر في معرفة الحتواطر وغئرها من الجواهر1)، وسبحان الله الظاهر في المظاهر، والأبيات هي هذه: ان الخواطريا ابن ودي أربعه وهي التي أحوالها متنؤعه منها الذي يعزى إلى الشيطان وكذا التي هو خاط نفساني وخاطر يعزى إلى فعل الملك وأجلها ئولي به من قد ملك ولقد تكامل عدها يا سالك فاعلمه واعمل يخل ليل حالك وأقول: أولا هذا التنبيه الذي وقع فيه رفع إشكال عما عسى أن سيأتي في هذه التعليقة فيما يتعلق بالقرآن الكريم ونحوه: القرآن له ظهر وبطن: أعلم أنه قد ثبت بالأحاديث الصحيحة أن لكل آية من القرآن ظهرا(2). أي وهو تفسيره المتعارف، وحده أن لا يتجاوز المنقول وعليه (1) العرف: المقصود بالعرف هنا الرائحة الطيبة وهو أحد المعاني اللغوية للكلمة كما في لسان العرب مادةة عرف: () هو جزء من حديث رواه ابن حبان في صحيحه (1: 146) ونص الحديث عن ابن مسعود رضيي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (أنزل القرآن على سبعة أحرف لكل آية منها ظهر وبطن).
Sayfa 15
============================================================
يحمل قوله "من قال في القرآن برأيه فليتبوا مقعده من النار"(1).
وبطنا: أي وهو التأويل وهو ما تشير إليه الآية، وحده أن لا ثجاوز الكتاب والسنة مع عدم الجوم بأن المراد به هذا لا غير، فلا يكون من قبيل تأويل الباطنية، بل هو من باب وجوه الاحتمالات لا بالعقل من غير قطع بشي منها.
ومن ذلك قول عبد الله بن عباس - رضيي الله عنهما وعن أبوئه ونفع بهم - في قوله تعالى: ( أنزل من الشمآء مآء فسالت أودية بقدرها ) [الرعد: 17). الماء: العلم، والأودية: القلوب، انتهى.
أي أظهر من غيب سماء الحضرة الإهية ماء العلم فجرى كل وادو من أودية القلوب القابلة له إلى النفوس بقدر امتلاثها به وهذا النوع من التأويل غير منوع إذا كان فيه عبور من الظاهر إلى الباطن مع تقرير الظاهر، وإنما الممنوع ما عليه الباطنية من إنكار الظاهر بالكلية وذلك كفر.
وبالجملة: فالتأويل يختلف باختلاف حال المؤول من صفاء الفهم ورتبة المعرفة ونصيب القرب من الله تعالى، ومن ثم قال أبو الدرداء - رضي الله عنه -: لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة، وأعجب منه قول ابن مسعود - رضي الله عنه -: ما من آية إلا وها قوم سيعلمون بها.
(1) رواء الترمذي برقم (2950 و2951) والثاني منهما عن ابن عباس عن التبي قال: (اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم، فمن كذب علي متعمدا فليتبوا مقعده من النار، ومن قال في القرآن برأيه فليتبوا مقعده من النار). وقال الترمذي عن الأول : حسن صحيح، وعن الثاني حسن، في كتاب تقسير القرآن باب ومن سورة فاتحة الكتاب.
Sayfa 16
============================================================
ذلك، وعلى هذا يحمل الوجوب المذكور في حق الخواص أرباب القرائح الصافية السليمة، ويحمل توقف الأفعال على معرفتها من حيث التمييز الكامل في أنها مقبولة أم لا، لا من حيث التكليف الشرعي.
إذا علم ذلك فليعلم الطالب أن الخواطر بمثابة البذر، فمنها ما ينبث السعادة ومنها ما ئنبث الشقاوة، والذي ينبث السعادة: خاطر الحق إلا عند الغضب، وخاطر الملك، والذي ينبث الشقاوة: خاطر النفس إلا عند الطمأنينة، وإلا فهي التي أوقعث الشيطان في إبائه من السجود بكبرها وعجبها، وخاطر الشيطان إلا عند قصد الكيد بإظهار خواطر الخير حتى يستذرج إلى خاطر الشر، أو يظهر خاطر خير ليشغل العبد به عما هو أهم أسباب اشتباه الخواطر: وسبب اشتباه الخواطر أربعة أشياء لا خامس لها، وعند ارتفاعها تتم المعرفة بالنافع والضار على ما هما عليه، وطلب الأول والهروب من الثاني: والأول: هو ضعف اليقين بالأمور الأخروية أو بالمخيرين بها.
والثاني: هو قلة العلم الذي تعرف به صفات النفس وأخلاقها التي هي طلب النافع والهروب من الضار فإنها إذا لم تعرف تلبس النفس النافع بالضار والضار بالنافع طلبا لما تهواه وهربا عما يخالف هواها.
والثالث: هو متابعة الهوى وإن علم أته يضل عن سبيل الله، وأن من يضل عن سبيل الله له عذاب شديد، إلا أن النفس قد تغلب صاحبها بحيث يعجز عنها لعدم إلجامها بلجام التقوى ولوجود تعويدها الإتيان
Sayfa 19
============================================================
بمشتهياتها، إذ عند ذلك تنخرم قواعد التقوى فتسري الظلمة إلى القلب، فلا يكون له نور يقدر به على دفع ظلمة النفس فتغلبه النفس.
والرابع: هو محبة الدنيا لجاهها وماها؛ لا من حيث إنه يوصل إلى الشهوات بل لطلب الرفعة بالغنى والمنزلة عند الناس، والفرق بين الكل يغرف مما ذكرناه.
وقد يفرق بين العلم واليقين بأن العلم: هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع، واليقين: وجدان برودة ذلك واستقراره.
وبين متابعة الهوى ومحبة الدنيا وأخلاق النفس: أن الأخلاق مبادئ الأفعال والمتابعة نفس الأفعال.
وبين متابعة الهوى ومحبة الدنيا: بأن محب الدنيا قد يتعب ويترك الماكل والمناكح لأجلها ويتلذذ بالجاه دون المآكل والمناكح فمن عصم عن هذه الأربعة صار قوي الدين كامل المغرفة بصفات النفس وأخلاقها، وألجم نفسه بلجام التقوى وكمل زهده في الدنيا مالها وجاهها، وفرق بين لمة الملك ولمة الشيطان أولا، ثم ينتهي إلى معرفة خاطر النفس وخاطر الحق.
ومن ابتلي بهذه الأمور جميعا لا يعرف الخواطر ولا يطلبها، إذ ليس له اعتقاد الأمور الأخروية حتى يطلب معرفة النافع والضار الأخروي، والنافع والضار إنما يعتبر عند أهل الحق بالنسبة إلى الأمور الأخروية مع أته جاهل بحقيقة ما تطلبه النفس، فيعتقد نفع كل ما تطلبه وضرر كل ما تهرب عنه، ومع ذلك يلزمه الهوى ذلك وتعينه محبة الدنيا التي هي رأس الخطيئة.
Sayfa 20
============================================================
معرفة النفس: وانكشاف بعض الخواطر دون البعض لوجود بعض هذه الأربعة دون بعض، وأقوم الناس بتقويم الخواطر أقومهم بمعرفة النفس، ومعرفة النفس عسر المنال جدا، لا يكاد يتيسر إلا بالاستقصاء في الزهد والتقوى، وهذا ربط معرفة الله بمعرفة النفس فقال: "من عرف نفسه عرف ربه"(1).
وذلك كربط معرفة النهار بمعرفة الليل، فإنه لولا ظهور الليل لم تعرف فضيلة النهار، فكذا لولا معرفة النفس لم يعرف مقام العبودية فلم يعرف مقام الربوبية على الكمال، وقد كان رسول الله مع غاية طهارة نفسه دائم الافتقار إلى مولاه في الاستعاذة من شرها، حتى كان يقول: "لا تكلني إلى نفسي طرفة عين، إكلأني كلاءة الوليد"(2) أي احفظني حفظ الوالد الشفيق ولده أن يشترقه الغير أو يأخذه.
ولما تحقق الأستاذ العيدروس(3) نفع الله به الورائة المحمدية من جده
كان يقول: أنا عبد الله المفتقر إلى الله في كل تفس (1) ذكره الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة (ص490 حديث رقم 1149) : وتقل عن أبي المظفر السمعاني أنه قال.: لا يغرف مرفوعا، وإنما يحكى عن يحيى بن معاذ الرازي يعني من قوله وكذا قال النووي: أته ليس بثابت. وذكره الشيخ ملا علي القاري في كتابه المصنوع في معرفة الحديث الموضوع ص (189) على أنه من جملة الموضوعات.
(2) الحديث إلى قوله (لا تكلني إلى نفسي طرفة عين) رواه الحاكم في المستدرك (1. 730) وهو حسن، أما الزيادة وهي قوله فيه (إكلاني كلاءة الوليد) فلم أقف عليها (2) هو السيد عيد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن السقاف المشهور بالعيدروس. ولد بمدينة تريم سنة 11لف وأخذ العلم عن جماعة من الفقهاء والصلحاء ويرع في سملوم الشريعة الثلاثة: التفسير والحديث والققه وجلس للتدريس فتخرج على يديه الكثير، وله عدة مؤلفات. وتوفي بطريق الشحر سنة 865هودفن في تريم وعمره أربع وخمسون سنة. الحبشي: عقد البواقيت 118:2- 119.
Sayfa 21
============================================================
فالسالك إذا تحقق بهذا الافتقار فقد تبع النبي في أشرف مقاماته من رؤية شر النفس الذاتي في مقام طمأنينتها وكمال صفاتها، لأن ما بالذات لا يرتفع بالغير بالكلية، وهذا نظر دقيق لا ينكشف إلا لكامل المعرفة بحيث لا يغتر بما ظهر من صفاتها ومطاوعتها.
أعظم آفات النفس: ومن أعظم آفات النفس على السالك أنه ربما يترائى له باهتزاز النفس دعوى الفناء بالله تعالى والبقاء به وهما من خواص القلب ونهضاته، والنفس كاذبة في دعوى ذلك إذ لا وجودها معهما، فكيف تدعيهما؟
لكنه يشتبه الأمر على السالك فيظن أنه بالله يصول وبالله يقول وبالله يتحرك، فينسب فعل نفسه إلى الله والعياذ بالله من ذلك، وذلك حيث ابتلي بنهضة النفس ووثوبها وهو لا يشعر بذلك بل يتوهم أنه في مقام القلب وتنوره بنور الروح، ثم تظهر له غائلة ذلك.
ولا يقع هذا الاشتباه إلا لأرباب القلوب وأرباب الأحوال إذا ردوا إلى مقام النفس من غير شعور منهم أو استرقث أنفسهم السمع من القلب فتنتهض فيردوا إليها من غير شعور منهم بذلك.
الكمل وآفات النفس: وأما الكمل فهم عن ذلك بمعزل، إذ لا يتأتى لهم دعوى ذلك بالنسبة إلى أنفسهم، وهذه مزلة قدم مختصة بمن ذكر إذ يدعون الإلهية لأنفسهم، وينسبون أفعالها إلى الله مع أنها لم تنتعش قلوبهم بالنور الإهي، ولم تسكر بالحال حتى تعفى عنهم تلك الدغوى.
Sayfa 22
============================================================
وقد روي أن الشبلي (1) قال: شربت بالكأس التي شرب بها الحلاج (2) فصحوت وسكر الحلاج، فبلغ ذلك الحلاج فقال: لو شرب بالكاس التي
شربت بها لسكر كما سكرت، فبلغ الجنيد(3) أمرهما فقال: نقبل قول الصاحي على السكران، فرجح حال الشئلي على حال الحلاج.
ولذلك قالوا: أكثر الشطح يكون من سكر الحال وغلبة سلطان الحقيقة، فمن ثم من تم صحوه وخلص عن بقية السكر ونزلت في قلبه السكينة ستر الحقيقة بالعلم، ووقف على حد العبودية، فاعلم ذلك فإنه عزيز علمه، إذ تنكشف به الالتباسات التي لم تزل خفية على أكثر أرباب القلوب.
(1) هو أبو بكر (وقيل: دلف) بن جخدر الشبلي رضي الله عنه مكتوب على قبره جعفر بن يونس، أصله من خراسان، ومولده بسامراء سنة 47 اه اشتهر بالصلاح والتقوى، وصحب أبا القاسم الجنيد ومشايخ عصره وتفقه على مذهب الامام مالك وكتب الحديث، وله ديوان شعر مطبوع عاش 87 سنة ومات سنة 334ه ودفن بيغداد في مقبرة الخيزران وقبره فيها ظاهر يزار رضي الله عنه. الشعراني: الطبقات الكبرى 1 103- 15، الصفدي: الوافي بالوفيات 14: 25، الزركلي: الأعلام 2: 341.
(2) الحلاج هو: الحسين بن منصور الحلاج أبو مغيث، وهو من أهل بيضاء فارس ونشأ بواسط العراق، ثم انتقل إلى البصرة، يعد من كبار العياد واالزهاد، صحب الجنيد والنوري وعمرو بن عثمان المكي والفوطي وغيرهم، قتل في عهد المقتدر العباسي بعد أن كثرت عليه الوشايات، وكان مقتله ببغداد في ذي القعدة سنة 309ه- الصفدي: الوافي بالوفيات 13: 70- 75، الشعراني: الطبقات الكبرى 10701- 109، الزركلي: الأعلام 2: 260.
(3) هو أبو القاسم الجنيد بن محمد بن الجنيد البغدادي الخزاز، لأنه كان يعمل الخز، وقيل: القواريري نسبة لعمل القوارير، أصل آبيه من نهاوند ومولده بالعراق ببغداد. وكان فقيها، وعذه العلماء شيخ مذهب التصوف لأنه ضبط مذهبه بقواعد الكتاب والسنة، وأفتى بحلقته وعمره حينتذ عشروك سنة، توفي سنة 297ه وقبره ببغداد. ابن خلكان: وفيات الأعيان 1: 373، الشعراني: الطبقات الكبرى 84:1 وسماه: سيد الطائفة، الزركي: الأعلام 2: 141.
Sayfa 23
============================================================
وقد قال عبد الله بن المبارك(1) نفع الله به في قوله تعالى: ( وجهدوأ فى الله حق جهادهء) [الحج: 78] هو ثجاهدة النفس والهوى، وذلك حق الجهاد وهو الجهاد الأكبر على ما روي في الخبر أن رسول الله قال حين رجع من بعض غزواته "رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر"(2).
النفس هي العدو الأكبر: وذلك أن النفس هي العدو الأكبر الذي بين جنبيك ومفاسده مؤبدة عليك، وإنما شرع الجهاد على الكفار لدفع مفاسدهم عن المسلمين العابدين لله، والنفس أعظم عائق منهم وذلك لأنها أكبر الأعداء، لها دواعي مشتهية وأهوية مختلفة محبطة إلى السفل والهلاك الكلى، مع إنه لا يجوز إتلافها لأنها المركب، ولا يجوز أيضا تركها، فلا بد من الجامها بلجام التقوى ومنعها عن دواعيها وأهويتها المختلفة التي لا يطلع عليها إلا آحاد المحققين المارسين لها.
كيفية إماتة النفس: فلا بد من جهادها بما يفيدها موتا جديدا كل حين، وإليه الإشارة (1) هو الإمام أبو عبد الرحمن عبد الله بن الميارك بن واضح الحنظلي التميمي المروزي، مولده سنة 118ه وكان مسكنه بخراسان، وارتحل كثيرا مجاهذا وحاجا وتاجرا، وله عدة مؤلفات، وكانت وفاته سنة 181ه بمدينة هيت على نهر الفرات في العراق ودفن بها لما رجع من غزو بلاد الروم. ابن خلكان: وفيات الأعيان 3: 32 - 33، الصفدي: الوافي بالوفيات 17: 419، الشعراني: الطبقات الكبرى 59:1 -10، الزركلي4: 115.
(2) رواه البيهقي في كتاب الزهد ص198 والخطيب البغدادي في تاريخه 13: 493 وقد حسنه الإمام الحافظ أحمد ابن الصديق الغماري في جزء حديثي خاص كما ذكر ذلك في كتابه المداوي لعلل الجامع الصغير والمناوي.
Sayfa 24
============================================================
بقوله : "موتوا قبل أن ثموتوا"(1) وقول الأستاذ عبد القادر الجيلاني: مت ألف ميتة، وقول الأستاذ آبي بكر العيدروس(2) في موشحه: فيكم قتلت آلف قتله من قبل الجم ام وآن يذكرها بآن المعاصي كالحلوى المسمومة بل هي أشد كما انكشف ذلك للعارفين بالله تعالى، فهي تفعل في الدين كما يفعله السم في البدن، فكيف للعاقل آن يقدم عليها؟
وليذكرها أن لذات الدنيا كلها لو فاتث فليس فيها كثير ضرر لسرعة زوالها وبقاء تبعاتها، وإنها لا تصبر في الدنيا على قرص النملة والضرب بالسياط والكية وهي آلام متناهية، فكيف تصبر على مقامع الحديد في الآخرة من الملائكة الغلاظ الشداد والإحراق بالنار ظاهرا وباطنا ولشع حيات 4 كالجمال، وعقارب كالبغال خلقت من النار بلا انقطاع مدى الدهور والأعصار، وأن الأخلاق المذمومة هي بعينها تنقلب في الآخرة حيات وعقارب، وإليه الإشارة بقوله "إنما هي أعمالكم ترد عليكم"(2).
(1) قال الحافظ السخاوي في كتابه المقاصد الحسنة برقم (539) : (قال شيخنا- يعني الحافظ ابن حجر-: انه غير ثابت) . وقال الشيخ ملا علي القاري في كتابه الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة ص (363): (قلت : هو من كلام الصوفية، والمعنى موتوا اختيارا قبل أن تموتوا اضطرازا، والمراد بالموت الاختياري ترك الشهوات واللهوات ومايترتب عليها من الزلات والغفلات): (2) أبو بكر بن عبد الله العيدروس بن آبي بكر بن عبد الرحمن السقاف. ولد بمدينة تريم سنة 851ب وحفظ القرآن الكريم في صباه وتعلم على والده ومشايخ عصره، واستوطن عدن سنة 889هولم يزل بها حتى وفاته سنة 914ه ودفن بمقيرة القطيع الشهيرة بها، وعلى قبره قبة ثزار. الشلي: المشرع الروي 34:2 -41، الحبشي: عقد اليواقيت 2: 117- 118.
(3) رواه أبو نعيم في الحلية (5: 126) وقال الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (4: 68): أخرجه الطيراني في الأوسط والحاكم في المستدرك بسند ضعيف.
Sayfa 25
============================================================
ولصعوبة أمرها قال القطب العيدروس نفع الله به: أجمع الصوفية على أن الحجب بين العبد وربه تفسه، أعاذنا الله بقدرته من شرها آمين. ومن ثم قال الله تعالى لبعض أحبائه: اترك نفسك وتعال.
الفرق بين هواجس النفس ووساوس الشيطان: واعلم أنه قد فرق العارفون رضي الله عنهم ونفع بهم بين هواجس النفس وهي خواطرها الطالبة حظوظها وبين وساوس الشيطان مع أنهما يشتركان في الشر، وقالوا: إن النفس إذا ألقت الخاطر لطلب شيء تقيم عليه حتى تصل إلى مرادها، ولا ترضى بدون الوصول إلى ذلك الأمر المعين، وإن الشيطان إذا دعاه إلى زلة ولم يجبث يوسوس بأخرى من غير إلحاح على الأولى ولا الأخرى، إذ لا غرض له في تخصيص زلة دون أخرى حتى يلج في زلة معينة، بل مراده الإغواء كيف أمكن فإذا لم يمكن بواحدة وسوس بأخرى.
وئقاس على هذا الفرق بين خاطر الحق وخاطر الملك، فإن الملك كان غرضه الإرشاد، فإذا لم يمكنه تحصيله أخذ يلهم بأخرى، وأما الحق فإنه في القاء الخاطر لعلمه بصلاح العبد وعنايته يلح عليه، لكن لا كالحاح النفس، بل يعقب بخاطر آخر.
وتكلم العارفون رضي الله عنهم في الخاطرئن إذا كانا من الحق بأن كانا خاطري خير، وكان عليهما نوع إلحاح أئهما يتبع الأول أم الآخر؟
فقيل: يتبع الأول، لأنه لما كان خاطر الحق فلا بد أن يبقى إلى خطور الثاني وبعد الثاني، فيكون محل التأمل فيحصل فيه العلم بأنه إهي، بخلاف الثاني فإنه قل التأمل فيه، فلا يتم العلم به إذ شرط العلم التأمل.
Sayfa 27
============================================================
ثقلها وكلما زاد ثقلها تكدر القلب، والقلب يتبرم بما يوجب كدورته، لأن الكدورة خلاف طبعه الذي فطر عليه من الصفاء.
وسبب زيادة ثقل النفس بعد الرجوع من الصحراء أنها كانت في الصحراء مسترسلة في تناول هواها بالتنزه فيها، وهذا يوجب غلظها وتقويتها، فظهر حينئذ أن الخروج إلى الصحراء كان عين الداء بحسب ما يؤول إليه، وقد كان العبد أولا يظن أنه ترويح القلب وهو دواه، ولا يظن أنه نشاط النفس، ولكن بعد عوده إلى خلوته تبين له خطأ ظنه وإن كان ملبسا عليه، فلو صبر العبد على وحدته في محل خلوته ولم يكن خرج إلى الصحراء لزادت نفسه ذوبانا بصنع هواها وخفث، وكلما خفث لطفت، وكلما لطفت صارت قرينة صالحة للقلب فلا يستثقلها.
يقاس على هذا الترؤح بالصحراء الذي ظهر في العاقبة أنه كان عين الداء الترؤح بالأسفار، فإنه ربما يظهر كذلك، إلا إن علم بعلم خاص يقيني أن ليس خاطر السفر وتحوه من النفس، فليمضه بحسن النية طالبا من الله العصمة من نفسه.
سكون القلب إلى النفس: وقد يكون ذلك الخاطر الذي تقدم الكلام فيه بنهوض القلب كما يظن العبد، لكنه قلب فيه تفاق مع صاحبه لسكونه إلى النفس مع إخفاء ذلك على صاحبه، قال بعض العارفين قدس الله سره: منذ عشرين سنة ما سكن قلبي إلى نفسي ساعة. فلولا أن للقلب سكونا إلى النفس لما كان لنفيه عنه معنى، فتظهر من سكون القلب إلى النفس خواطر تشبه الخواطر
Sayfa 31