ولا بد لنا من وقفة أمام ألمعية الفيلسوف الألماني هيجل
Hegel
الذي تأثر به أمثال: بوزنكيت
Bosanquet ، وكروتشي
Croce . فقد انتهى هيجل من تأملاته الفلسفية إلى أن العقل والطبيعة المادية هما «المطلق» بذاته، لا مجرد مظاهر أو دلائل على مطلق مجهول. وفوق ذلك فليس العقل والمادة حقيقتين متميزتين، ولكنهما عنصران تتكون منهما عملية إفصاح المطلق عن نفسه. وبعبارة أخرى: إن الفكر والحقيقة شيء واحد، وليس ثمة غير حقيقة واحدة هي ما يدعوها «المطلق»، وإن هذه الحقيقة الروحية هي مرادف «الألوهة».
ومع كل هذه التفاسير الفلسفية أخذ الشك، أو الإلحاد يطرد؛ لأن المتعلمين لا يعنيهم أقل من الإيمان بأن خلف هندسة الوجود عقلا إلهيا منظما ضابطا، وعلى وجه هذه الطبيعة المسحة الإلهية البارة، فإذا لم يوقنوا بذلك انتفى إيمانهم حتما.
وازدادت العلوم تقدما؛ فازداد الإيمان تضاؤلا بين المتعلمين؛ لأن التعليل العلمي للألوهة أخذ ينهزم، واكتفى المتفلسفون بالكلام عن «الحاسة الدينية»
religious sense
كبرهان وجداني على وجود الله، وما يعنون بذلك إلا مزج العاطفة بالعقيدة الموروثة، وما كانت العاطفة في اعتبار السيكولوجيا برهانا إيجابيا على وجود الشيء.
أما في أمريكا، ففلاسفتها الذين يعنون بالديانات يصرحون إما بان العقيدة الإلهية ليست عنصرا ضروريا من الدين، أو بتصويرها مطابقة لمثالية، أو لفكرة مجردة، أو لروح مبهمة للعالم (يراجع كتاب «الفلسفة الأمريكية المعاصرة»
Bilinmeyen sayfa