فديتك فَقَالَت لَهُ رَأَيْت أَخَاك الْهَادِي السَّاعَة فِي النّوم فأنشدني
أخلفت وعدي بعد مَا ... جَاوَرت سكان الْمَقَابِر
ونسيتني وحنثت فِي ... أيمانك الْكَذِب الفواجر
وحللت فِي أهل البلى ... وغدوت فِي الْحور الغرائر
ونكحت غادرة أخي ... صدق الَّذِي سماك غادر
لَا يهنك الإلف الجدي ... د وَلَا تدر عَنْك الدَّوَائِر
وَلَحِقت بِي قبل الصِّبَا ... ح وصرت حَيْثُ غَدَوْت صائر
قَالَت ثمَّ ولى عني ولكأنها مَكْتُوبَة فِي قلبِي مَا نسيت مِنْهَا كلمة
فَقَالَ لَهَا هَارُون هَذِه أَحْلَام الشَّيْطَان فَقَالَت كلا وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ثمَّ اضْطَرَبَتْ بَين يَدَيْهِ وتخبطت حَتَّى خرجت روحها تِلْكَ السَّاعَة
وَلَا تسل عَن هَارُون وَمَا لَقِي عَلَيْهَا
وَكَذَلِكَ إِن لم يكن ملكا وَكَانَ وزيرا أَو غير ذَلِك من أَصْنَاف النَّاس وصفاتهم فِي تقلب الدُّنْيَا بهم مَعْلُومَة وأحوالهم فِيهَا مَشْهُورَة وكل وَاحِد منا يعلم هَذَا من نَفسه وَيَرَاهُ من غَيره
وَأَنه لَيْسَ من إِنْسَان إِلَّا وَله شرب من الكدر وَنصِيب من الْهم يقل عِنْد إِنْسَان وَيكثر عِنْد آخر فَإِذا أَخذ نَفسه بِهَذِهِ الأفكار وَعرض عَلَيْهَا هَذَا الِاعْتِبَار أعرض عَن الدُّنْيَا وَلم يلْتَفت إِلَيْهَا وَلَا شغل نَفسه بهَا وتذكر الْمَوْت وَخَافَ فجأته وَلم يَأْمَن بغتته وَلم يسمع إِلَّا وجبته وَلَا رأى إِلَّا صدمته وصرعته وَالله تَعَالَى ولي التَّوْفِيق بفضله وَطوله لَا رب غَيره وَلَا معبود سواهُ
وأنشدوا
سجعت هَذِه الْحَمَامَة سجعا ... فتذكرت أَنْت إلفا وربعا
لَا لشَيْء إِلَّا لِأَنَّك نَاس ... مصرعا قد تقدّمت فِيهِ صرعى
وحديثا من بعده وحديثا ... وحديثا يجْرِي فُؤَادك دمعا
يَا جهولا وغافلا وظلوما ... كل هذي جمعن عنْدك جمعا
مَا لآمالي انتجعت سناها ... حَيْثُ لاحت بروقها حَيْثُ تسْعَى
1 / 107