أما تؤمن بِهِ قَالَ بلَى سَمِعت وَآمَنت وصدقت وَلَكِن لم يقل لَك فِيهِ إِن رَسُوله يَأْتِيك الْيَوْم وَلَا غَدا وَلَا وقتا مَعْلُوما وَلكنه سيأتيك وَقد جَاءَ كِتَابه إِلَى فلَان بِهَذَا الَّذِي قد جَاءَك أَنْت بِهِ وَقد بَقِي منتظرا لرَسُوله أَكثر من سبعين سنة وَإِلَى الْآن مَا أَتَاهُ وَبعد زمَان طَوِيل مَا جَاءَهُ وَفُلَان أَتَاهُ بعد ثَمَانِينَ سنة وَفُلَان أَتَاهُ بعد مائَة سنة وَأكْثر وَفُلَان كَاد أَن لَا يَأْتِيهِ
وَأَنت وَاحِد من المرسول إِلَيْهِم فَلم هَذِه العجلة وفيم هَذَا الْإِسْرَاع
فَقَالَ وَيحك أما ترى أَنْت فلَانا قد جَاءَهُ كتاب الْملك بِهَذَا الَّذِي جَاءَنِي وجاءه الرَّسُول فِي إِثْر مَجِيء الْكتاب وَفُلَان كَذَلِك وَفُلَان جَاءَهُ بعد سنة وَفُلَان كَذَا
فَقَالَ لَهُ بلَى وَلَكِن لَا تنظر إِلَى هَؤُلَاءِ خَاصَّة وَانْظُر إِلَى الَّذين قلت لَك مِمَّن تَأَخّر عَنهُ مَجِيء الرَّسُول
فَقَالَ لَهُ دَعْنِي يَا هَذَا فقد شغلتني وَالله وَإِنِّي لأخاف أَن يأتيني الرَّسُول وَأَنا أُكَلِّمك
ثمَّ أقبل على مَا أمره بِهِ الْملك فامتثله وَنظر فِيمَا حد لَهُ واشتغل بِمَا يجب أَن يشْتَغل بِهِ وَأخذ الزَّاد لسفره وَأخذ الأهبة لطريقه وَجعل ينْتَظر الرَّسُول أَن يَأْتِيهِ وَأَقْبل يلْتَفت يَمِينا وَشمَالًا من أَيْن يَأْتِيهِ وَمن أَيْن يقبل عَلَيْهِ
فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك وَإِذا برَسُول الْملك قد أَتَاهُ فَقَالَ أجب الْملك قَالَ نعم قَالَ السَّاعَة قَالَ السَّاعَة قَالَ وفرغت مِمَّا أَمرك بِهِ وعملت مَا حد لَك أَن تعمله قَالَ نعم قَالَ فَانْطَلق قَالَ بِسم الله فَخلع عَلَيْهِ خلعة الْأَوْلِيَاء وكساه كسْوَة الأصفياء وَأَعْطَاهُ مركوبا يَلِيق بِهِ ويجمل بِمثلِهِ وَانْطَلق بِهِ فِي حبور وسرور وَهُوَ ينشد بِلِسَان الْحَال
هنئوني بغبطتي وسروري ... فجدير بِأَن يهنأ مثلي
ربحت صفقتي وزكي سعيي ... وارتقى للإله قولي وفعلي
كَيفَ لي أَن أعبر الْيَوْم عني ... بمقال يبين وصف محلي
ضَاقَتْ الْكتب أَن تضم حَدِيثي ... بل تلاشت عَن بعض مَا أَنا أملي
1 / 78