46

ويقول كنديد: «وهل السيد وندردندر هو الذي عاملك هكذا؟»

ويقول الزنجي: أجل يا سيدي، إن من العادة أن نعطى كثياب سروالا من القطن مرتين في كل عام، فإذا حدث أن نتش المسحق إصبع الواحد منا في أثناء العمل في معمل السكر قطعت يده، وإذا حاول الواحد منا أن يفر قطعت ساقه، وقد وقعت في الحالين، فهذا هو الثمن الذي تأكلون به سكرا في أوروبا، ومع ذلك فإن أمي قالت لي في ساحل غينة، حينما باعتني بعشرة إيكويات بتاغونية: «أي ولدي العزيز، اشكر لأصنامنا واعبدها دائما، فبفضلها ستعيش سعيدا، ولك الشرف بأن تكون عبدا لسادتنا البيض، وبذلك تغني أبويك.» «آه! لا أعرف هل أغنيتهما، ولكن لم يغنياني، فالكلاب والقردة والببغاوات أقل شقاء منا ألف مرة، وفي كل أحد يقول لي الأصنام الهولنديون الذين غيروا ديني: إننا كلنا أبناء آدم، لا فرق في ذلك بين البيض والسود. ولست نسابا، ولكن إذا كان هؤلاء الوعاظ يقولون الحق كنا أبناء عم لحا،

1

والواقع أنك تسلم بأن الإنسان لا يستطيع أن يعامل أقرباءه بأفظع من هذا.»

ويصرخ كنديد قائلا: «إنك لم تتنبأ بهذا المكروه يا بنغلوس! فإذا صح ذلك وجب أن أعدل عن تفاؤلك.»

ويقول ككنبو: «ما التفاؤل؟»

ويقول كنديد: «واها! هو السورة التي يعد بها كل شيء حسنا مع معاكسة كل شيء لنا»، ويسكب عبرات إذ ينظر إلى الزنجي، ويدخل سورينام وهو يبكي.

وأول شيء استعلماه هو وجود مركب في الميناء، يمكن إرساله إلى بوينوس أيرس، والشخص الذي خاطباه في ذلك هو ربان إسباني، عرض عليهما صفقة مناسبة، وجعل لهما موعدا في إحدى الحانات، وذهب كنديد والوفي ككنبو مع كبشيهما لانتظاره هنالك.

وبما أن قلب كنديد على شفتيه، فقد قص على الإسباني خبر مغامراته، واعترف له بأنه يريد خطف الآنسة كونيغوند، فقال الربان: «سأحترز من أخذكما إلى بوينوس أيرس؛ لما يوجبه هذا من شنقي وشنقكما، فالحسناء كونيغوند حظية مولانا المفضلة.»

فنزل هذا كالصاعقة على كنديد، وبكى طويلا، ثم انفرد بككنبو جانبا وقال له: «إليك ما يجب أن تصنعه يا صديقي العزيز: يوجد في جيوب كل منا من الألماس ما يعدل خمسة ملايين أو ستة ملايين، وتعد أبرع مني، فاذهب إلى بوينوس أيرس، وأحضر الآنسة كونيغوند، فإذا ما وضع الحاكم بعض العراقيل فأعطه مليونا، وإذا لم يذعن فأعطه مليونين، وأنت لم تقتل قاضيا تفتيشيا قط، ولن يحترز منك مطلقا، وسأجهز مركبا آخر، وسأذهب لانتظارك في البندقية، فهذا بلد حر لا يخشى فيه شيء، لا يخشى فيه بلغار ولا آبار ولا يهود ولا قضاة تفتيش.»

Bilinmeyen sayfa