45

ويأمر مهندسيه من فوره بصنع آلة لرفع هذين الرجلين العجيبين خارج المملكة، ويعمل فيها ثلاثة آلاف عالم طبيعي، وتصير معدة في نهاية أسبوعين، ولم تكلف أكثر من عشرين مليون جنيه إسترليني، ووضع كنديد وككنبو على الآلة، وأحضر كبشان أحمران مسرجان ملجمان؛ ليتخذا مطية لهما بعد مجاوزة الجبال، كما أحضر عشرون كبش أثقال محملة زادا، وثلاثون محملة هدايا من أمتع ما في البلد، وخمسون محملة ذهبا وجواهر وألماسا، ويعانق الملك العيارين

2

عناق حنان.

ومن المناظر الرائعة سفرهما والنمط البديع الذي رفعا به هما وكباشهما إلى ذرى الجبال، ويستأذنهما العلماء الطبيعيون في الانصراف، بعد أن جعلوهما في مأمن، ولم يبق لكنديد مطمع آخر وغرض آخر غير الذهاب لعرض كباشه على الآنسة كونيغوند، وقد قال: «لدينا ما ندفعه إلى حاكم بوينوس أيرس ثمنا للآنسة كونيغوند، إذا أمكن اشتراؤها، ولنسر نحو كاين، ولنبحر، ثم نرى أي مملكة نستطيع أن نبتاع.»

الفصل التاسع عشر

ما وقع لهما في سورينام وكيف تعرف كنديد بمارتن؟

كان اليوم الأول الذي قضاه السائحان سارا، ووجدا مشجعا لهما في شعورهما، بأنهما حائزان لكنوز تزيد على ما يمكن آسيا وأوروبا وأفريقيا أن تجمعه، ويكتب كنديد اسم كونيغوند على الأشجار عن وجد، ويغوص في اليوم الثاني اثنان من الكباش في المناقع، ويغرقان مع أحمالهما، ويهلك بعد أيام قليلة كبشان آخران تعبا، ثم يهلك في الصحراء سبعة أو ثمانية جوعا، وتمضي بضعة أيام فتسقط كباش أخرى في الهوى، وأخيرا لا يبقى لهما غير كبشين بعد سير مائة يوم، فيقول كنديد لككنبو: «ترى يا صاحبي، كيف أن ثروات هذه الدنيا زائلة، ولا يوجد ما هو ثابت، غير الفضيلة والسعادة بلقاء الآنسة كونيغوند.»

ويقول ككنبو: «أوافق على ذلك، ولكنه بقي لنا كبشان، عليهما من الكنوز أكثر مما يمكن أن يحوزه ملك إسبانيا في أي وقت كان، وأرى من بعيد مدينة يخيل إلي أنها سورينام، التي يملكها الهولنديون، والآن نحن في نهاية متاعبنا وبداءة سعادتنا.»

ويدنوان من المدينة فيلاقيان زنجيا مستلقيا على الأرض، لم يستر غير نصفه بثوب، أي: بسروال من نسيج أزرق، وكان يعوز هذا المسكين ساقه اليسرى ويده اليمنى، ويقول له كنديد بالهولندية: «والآن، رباه! ما تعمل هنا في الحال الهائلة التي أراك عليها يا صاحبي؟»

ويجيب الزنجي بقوله: «أنتظر التاجر الشهير مولاي السيد وندردندر.»

Bilinmeyen sayfa