اجتمعت بمحو رئيس الشرطة، وطلبت منه مزيدا من مراقبة الطهاة، هذا والأمور تمضي من سيئ إلى أسوأ.
وسكت الطبيب بنتو وقتا ينشد شيئا من الراحة في خضم الذكريات المرهقة، فتذكرت ما سمعت من أقوال متضاربة عن حياة إخناتون الجنسية، ورجحت ألا يعرض الرجل لها، فسألته عنها مدفوعا بحب استطلاع لا يقاوم. وعند ذاك قال: كان جسمه يجمع بين خواص الذكر والأنثى، كذلك قسمات وجهه، ولكنه كان رجلا قادرا على الحب والإنجاب.
ارتعشت شفتاي بسؤال مضطرم، وترددت طويلا، ثم استجمعت شجاعتي وسألته: هل ترامى إليك ما قيل عن علاقته بأمه؟
فتجهم وجهه وأجاب: وسمعت مثلما سمعت أنت، ولكني أعتقد أنه محض افتراء! وتريث ووجهه يزداد تجهما ثم قال: المسألة أنه كان إنسانا فاق سموه أي إنسان، يبشر بمملكة إلهية لا تتوافق مع طبيعة البشر، فأشعر كل فرد بتفاهته، وتحداه باستفزاز لا قبل له به، فانهالوا عليه بالغضب البائس والحقد الحيواني ...
فسألته متشجعا بسماحته: وما رأيك في نفرتيتي؟ - ملكة عظمى بكل جدارة. - وكيف تفسر انفصالها عنه؟ - لدي تفسير واحد، هي أنها لم تصمد للضربات المنهالة فأصيبت بانهيار، فهربت بمرضها مغلوبة على أمرها.
ثم واصل حديثه قائلا: وبلغت المأساة ختامها الأسود بصدور قرار التخلي عنه، وقد استأذنت حور محب في السماح لي بالبقاء إلى جانبه بوصفي طبيبه الخاص، فأخبرني بأن الكهنة قرروا إرسال طبيب من لدنهم! ولكنه سمح لي بفحصه إذا شئت قبل الرحيل. وذهبت من فوري إلى القصر الذي لم يبق به إلا نفر من العبيد، ومجموعة للحراسة اختارها أعداؤه. وجدته في خلوته وحيدا وكان يصلي، مغردا بصوته الحنون:
إنك جميل، إنك عظيم.
بك يفرح قلب الإنسان،
وتخضر الأشجار والأعشاب،
وترفرف الطيور،
Bilinmeyen sayfa