İslam'ın Kurucuları: Muhammed ve Halifeleri
بناة الإسلام: محمد وخلفاؤه
Türler
أجل، لقد صرنا - ونحن مئات الملايين - نعيش عالة على الغرب، أسرى مدنية زائفة تميت الهمم، متباعدين عن تعاليم ديننا الذي أحيا العرب من عدم، وأهداهم من ضلال، وأغناهم من فقر، ورفعهم من ضعة، وأنشأ لهم مدنية قديمة سامية سادوا بها جميع الأمم.
ورجعت إلى نفسي أدعو الله أن يهدينا إلى الاستمساك بديننا حتى نحيي مجد الإسلام وعظمة المسلمين. •••
إن جدة بلد يصح أن تكون مرآة تعكس لزائرها صورة بلدان العصور القديمة العربية؛ فدورها عتيقة البناء، عتيقة الطراز، لا تجد في نوافذها لوحا من الزجاج، فترى بدلا من زجاج النوافذ حصيرا يطوى وينشر في حالة توقي البرد القارص أو الحر اللافح، هي بلد تصورها لك كتب العرب التاريخية والأدبية القديمة! غير أن بها جهة تمت إلى العصر الحديث، ففيها شارع رئيسي فخم شيدت على جانبيه الدور و«الفيلات» العصرية التي لا تجدها إلا في المدن الأوروبية والشرقية المتمدنة، وهو شارع طويل عريض، مرصوف بالمكدام، آهل بدور المفوضيات والقنصليات والبيوتات التجارية والمالية والشركات المختلفة.
إنك لتعجب: كيف جمعت جدة بين القديم المتناهي في القدم وبين الحديث العصري - «آخر مودة» - في فن العمارة والبناء!
والجواب على هذا السؤال هين يسير.
ذلك أن الحكومة العربية السعودية تعمل جاهدة لإدخال كل إصلاح على بلاد الحجاز، بل بلاد شبه الجزيرة العربية جمعاء، وهو الإصلاح الذي لا يستنكره الشرع، ولا يتنافر مع تعاليم الدين ويتفق مع روح العصر الحاضر.
لا تجد في جدة شيئا وسطا بين القديم والحديث، والسبب في ذلك يرجع إلى أن الحكومات المتعاقبة التي سبقت حكومة جلالة الملك عبد العزيز آل سعود لم تكن تفكر في أي إصلاح على البلاد الحجازية يقتضيه التمشي مع روح العصر الذي تعيش فيه! فلا عجب إذن إذا وجدت مظهر جدة اليوم كالرداء العتيق رقعه صاحبه برقعات جديدة قشيبة بهية الرواء.
لست أريد أن أمر بجدة دون أن أذكر لك أن فيها أسواقا تجارية تحوي جميع البضائع والسلع، وكلها رخيص متين متقن الصنع. •••
لم أنس قبل مغادرة جدة أن أمر بدار وكيل مطوفي السابق، ذلك الشيخ الكهل القديم الذي يحاكي قدم «جدة»، والذي لا جديد فيه، ولا في ردائه أو غطاء رأسه أو طراز نعله، الذي لا جديد فيه على الإطلاق إلا منظاره الذي استعاره كرها من حاجات العصر الحديث بدافع الحاجة إلى تقوية ناظريه، وفي اعتقادي أنه لو كان في استطاعته أن يبدله بشيء قديم، ونعني أن يستغني عنه بشيء أصيل من حضارة عصره هو، لا عصرنا نحن، لفعل وايم الله!
وبالسؤال عنه من زملائه، علمت أن الشيخ قد توفي إلى رحمة الله، فحزنت لهذا النبأ، ويحق للإنسان أن يحزن، فالرجل يمت إلى عصر غير هذا العصر، عصر كانت الرجولة فيه أكثر مما نرى. وقلت: رحمه الله، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. ثم قرأت الفاتحة على روحه.
Bilinmeyen sayfa