أممكن أنها قد افترضت أنه بعد مصارحتي حتى المكشوفة لها بالحب ، لا بد أن يحدث «شيء ما» وأعدت نفسها لهذا «الشيء»؟
وابتسامتها تلك، أليست ابتسامة الخجل المسبق من ذلك الشيء المقبل؟
ولكن قلبي هذا بعد أجزاء من الثانية كف عن خفقانه؛ فقد خيل إلي أن الاحتمال بعيد، وأنه مستحيل مستحيل، وأن علي ألا أركب رأسي وأن أستقر وأهدأ.
كان قد حدث حادث بعد ليلة الأمس. كانت خيبة أملي فيما كان قد خوفتني من محاولات أخرى للاقتراب. كانت الفراشة قد أحست بالصبي حين أثار الضجة المقصودة ليشعرها بوجوده وبأنه في الطريق إليها؛ ولهذا كان يجب أن أطمئن تماما قبل أن أخطو خطوتي التالية إليها؛ إذ كان يخيل لي أن الفراشة ستطير في أي لحظة مقبلة ولدى أي حركة.
ومن أجل هذا السبب كنت أرفض كل علامات القبول التي قد أراها، وأحاول أن أفسرها تفسيرات أخرى. كنت قد وطنت نفسي على ألا أقدم إلا إذا رأيت بعيني علامة قبول ضخمة تفرض صدقها ولا تدع مجالا للشك فيها.
وكأني كنت أنتظر أن تبدأ بتقبيلي مثلا، أو تقول لي أحبك.
وكان ذلك بالطبع منها صعب الحدوث، بل مستحيل الحدوث.
وجاءت لحظة انفعال أخرى.
كانت واقفة بجوار «البيك آب»، وكان فيه أسطوانة أظنها «شهر زاد»، وانتهت الأسطوانة فذهبت إلى الجراموفون لأضعها على الوجه الآخر. وحين دارت وتصاعدت الموسيقى وأغلقت الجهاز، ارتكزت بكوعي عليه، وكانت هي الأخرى مرتكزة بكوعها عليه وكانت لصقي تماما، وتحدثنا في شيء ما ورفعت وجهها إلي، وفوق ما كان في وجهها من حمرة وفي عيونها من بريق، فقد كان هناك شيء ما يشبه الدعوة، دعوة من فمها الذي كان قريبا جدا من فمي.
وحدثتني نفسي أن أنقض عليها وأحتضنها وأهوي بفمي على فمها، وترددت لبرهة بين أن أنفذ الخاطر أو أهدأ وأسكت.
Bilinmeyen sayfa