فقالت دون أن تنظر إليه. وعيناها هائمتان. معلقتان فوق نجمة بعيدة في قاع البحيرة: أهو اسم النبي حارسه ييجي قدك كده. - ومجوز؟ - خطباله.
وارتفع صوت حلمي في هزار مفاجئ: وزعلانه قوي كده ليه؟ تلقاه كان طول النهار نازل فيكي شتيمة. - أبدا والنبي يا اخويا .. دا لسانه مفيش أنضف منه. - وكان بيشتغل إيه يا خالة؟ - عندنا دكانتنا يا خويا .. أمال هو قعد ليه .. قال لي ما اسبش الدكانة للإنجليز ينهبوها أبدا. - وكان بيحب مصر يا خالة؟ - مصر مين يا خويا؟ - مصر بلدنا. - هو حد يا ضنايا يكره بلده .. إلهي يخليك.
وصنعت الدموع خطين رفيعين لامعين على وجنتيها واندفع حلمي يقول في حماس مفاجئ: يا ستي ابنك راجل واتعور في معركة رجالة. اتعور وهو بيدافع عن بلدنا وشرفنا، بكرة يكتبوا اسمه في الجرانين وينشروا صوره، فأجابت وهي تهز رأسها: بس عايزة أشوفه. عايزة أشوف إيه اللي جرا له .. إلهي يخليك يا ريس. لسه كتير؟
ولم يجب الريس.
وهز حلمي رأسه في يأس، ثم تنبه فجأة، وقال بالإنجليزي كأنه عثر على كنز كبير: أتعرفون لماذا هي مصرة على رؤية ابنها؟
وقال له واحد بالعربي: ليه؟
فقال: إنها تدرك بغريزتها أنه لا بد قد تغير بعد المعركة، تريد أن تتبين ما حدث له من تغيير وكيف أمكن لابنها الذي ربته ورأته طفلا. كيف أمكنه أن يحمل السلاح ويحارب. وتريد فوق هذا أن تطمئن إلى أنه لا يزال ابنها حتى بعد أن حارب كالرجال وحمل السلاح.
وضرب واحد يد حلمي التي كانت قد تسللت مرة أخرى إلى جبهته وقال بالإنجليزية أيضا: يا مغفل أهم شيء هو القوة الرهيبة التي تجذب الأم إلى ابنها، القوة التي لا يقف أمامها حائل.
ولم يظفر التعليقان بتعليق. كل ما حدث أن الخالة ظلت تنظر إليهما وهما يتكلمان، ثم التفتت إلينا وسألتنا: أمال انتم رايحين ليه يا اخويا؟
فأجابها حلمي: مش قلنا لك يا ست فدائية. مش مصدقة ولا إيه؟
Bilinmeyen sayfa