وقال أبوه: يسلم ازاي؟
وقالت أم نعيمة: زي الناس يا دلعدي.
واندفع فؤاد النحيل يقول: شفت يا بابا .. هو اللي قلبها جد .. إحنا كنا بنلعب .. هو اللي قلبها جد .. قلنا له سلم، قام شتمنا وقعد يضرب فينا عشان ما نعديش الخط .. والله هو اللي وقعني وقعد يضرب في .. وعضني .. ثلاث عضات أهم .. دا كان زي المسروع .. دا مكانش بيلعب. دا قلبها جد .. وكل ده عشان مش عايز يتغلب .. وأنا مالي؟ هو اللي وقع .. ولما وقع اتعور .. أنا مالي؟ والله ما لمسته .. دا يدوب قربت عليه نزل في ضرب.
وانخرط الولد في البكاء.
وهنا استعاد إبراهيم أفندي الشخطة التي شخطها شعبان في ابنه وشخط شخطة أعلى منها وقال: اخرس .. انت بتعيط زي النسوان .. عمى في عينك.
وصرخت فيه زوجته: جرى إيه يا إبراهيم سرعت الواد .. هو قد الشخطة دي؟ وإيه حكاية النسوان دي رخرة؟ ما تقعد معووج يا إبراهيم وتتكلم عدل .. اتكلم عدل يا إبراهيم.
وقرأ إبراهيم أفندي في الجملة الأخيرة إنذارا خفيا، وفعل الإنذار فعله في الحال.
وهكذا ضاع زمام الموقف واختلطت الأصوات ، صوت الأسطى شعبان تخين وتصاحبه حشرجة كحشرجة الكلاكس حين يعلق، وصوت إبراهيم أفندي رفيع أخنف كأنما يصدر عن طاقة واحدة من طاقتي أنفه، وصوت أم نعيمة حياني نواعمي طويل متين كحبال الكتان، وصوت الجدة أم إبراهيم أفندي كصوت ابنها تماما وكأنها جد. وكلمات شعبان فيها احتجاج صارخ، وكلمات إبراهيم فيها دعوة للسلام والمحبة وما يصحش يعملها الصغار ويقع فيها الكبار، وكلمات شفاعات عزف منفرد لزمارة كمساري ترام، وكلمات تقال، وكلمات لا تقال ولم يسلم الأمر حتما من بضع دعوات خرجت من فم الجدة واستقرت على رأس العدو، أي عدو.
وآب كل شيء إلى هدوء .. حين قال الأسطى شعبان: زي بعضه .. إحنا ما لنا بركة إلا بعض .. نصطلح نصطلح.
وقبل الجاني رأس المجني عليه .. وقبل المجني عليه رأس الجاني وتبودلت بعض نكات تناسب المقام .. وتفضلت الست أم نعيمة وضحكت على نكتة، وتفرق الأولاد وقد انتهت الرواية، وجاء الشاي وشرب الأسطى شعبان، وشرب إبراهيم أفندي على حس الضيف وتكلم الرجلان في السياسة وقال إبراهيم أفندي: إن الله معنا وسينصرنا على القوم الكافرين .. وقال شعبان عن الإنجليز: دول عضمهم دايب من شرب الخمر .. يدوبك تزق الواحد يقع.
Bilinmeyen sayfa