============================================================
بهجة الطائفة فلما تحقق أرباب القلوب في القرب، اشتغلوا بإخراج الوسائط من البين.
فبذلك صلحوا لأن يتقرب الحق جل وعلا إليهم، بقرب جماله وجلاله، كما قال: ونخن أقرب إليه من حبل الوريد* (القرآن الكريم 16/50) . وإنما 3 حجاب العبد تفسه. وقد قال بعضهم (1): أين أطلبك يا رب؟ فقال: لادع نفسك وتعال". فلأهل القرب حضور، ولأهل المحبة محاضرة(2).
و = لأن أهل المحبة من أهل الذكرى الثالثة، فلهم إدراك علم 6 الحكمة، ونور تبصرة المشاهدة. فصار الذكرى ذكرد ى بداية، وذكرى هداية، وذكرى نهاية . ومن تحقق (120) في القرب تال المحبة.
ومقام القرب إنما هو بعد خروج العبد من نفسه ووجوده، إلى 9 طريق الله ومقصوده. فكأنه إذا كان في الطلب بلا وجود، فهو قريب من الوصول. وعند الخروج من النفس والدخول إلى طريق الله، قد يقع للعبد أغاليط كثيرة. فإن في طريق الله يصل الأمر إلى مقام يشاهد العبد فيه نعوتا، 12 يظن أنها من نعوت الحق، وإنما ذلك من تعوت الحقيقة، لا الحق، جل وعلا. فإذا تحقق في طريق الله - وهو أن يحصل له علم تلك (3) الغرائب - يقع في مقام القرب من الله فهذا مقام قرب الله، وذلك مقام قرب الحقيقة:15 ومن لم يكن له في هذا الطريق دليل ضل. الا ترى كيف قال جل وعلا لنبيه، عليه السلام: واتبع سييل من أناب إلي} (القرآن الكريم 15/31) .
وقوله تعالى: فبهداهم اقتدة (القرآن الكريم 90/6)، والخطاب له، 18 (1) بعضهم: هو أبو يزيد البسطامي، انظر الرسالة القشيرية، باب الخلوة والعزل، ص51، حيث يقول: ويحكى عن أبي يزيد قال: رأيت ربي عز وجل في المنام، فقلت: كيف آجدك؟ قال: فارق نفسك وتعال.
(2) محاضرة، في الأصل: محاظرة.
(3) تلك، في الأصل: ذلك.
ه ى ى
Sayfa 53