كل ما في الوجود كائن فيك وبك ولك.
نجيب :
أبإمكاني أن أقول لذاتي: إن إرم ذات العماد موجودة في باطني لا في خارجي؟
العلوية :
كل ما في الوجود كائن في باطنك، وكل ما في باطنك موجود في الوجود. وليس هناك من حد فاصل بين أقرب الأشياء وأقصاها، أو بين أعلاها وأخفضها، أو بين أصغرها وأعظمها، ففي قطرة الماء الواحدة جميع أسرار البحار، وفي ذرة واحدة جميع عناصر الأرض، وفي حركة واحدة من حركات الفكر كل ما في العالم من الحركات والأنظمة.
نجيب (تظهر على وجهه علامات الالتباس) :
قد قيل لي، يا سيدتي: إنك قطعت المسافات الشاسعة حتى بلغت ذلك المكان المعروف بالربع الخالي في قلب الجزيرة. وقيل لي: إن روح والدك كانت الموحية إليك والهادية لك والسائرة حتى بلغت إرم ذات العماد. أفليس على الراغب في الوصول إلى تلك المدينة المحجوبة أن يكون في حالة شبيهة بحالتك، وأن تكون له الوسائل الجسدية والأسباب المعنوية ليحصل على ما حصلت أنت عليه؟
العلوية :
أجل، قد قطعنا الصحاري، وقاسينا الجوع والعطش، وخبرنا مخاوف النهار ورمضاءه، وأهوال الليل وسكينته قبل أن رأينا أسوار مدينة الله. ولكن قد بلغ مدينة الله قبلنا من لم يسر خطوة، وعرف جمالها وبهاءها من لم يختبر جوعا في الجسد أو عطشا في الروح. إي والحق، لقد طاف في المدينة المقدسة إخوان لنا وأخوات دون أن يخرجوا من المنازل التي ولدوا فيها. (تسكت هنيهة ثم تومئ بيدها إلى الأشجار والرياحين المحيطة بها):
لكل بذرة من البذور التي يلقيها الخريف في أديم التراب أساليب خاصة في فسخ قشرتها عن لبابها وفي تكوين أوراقها فأزهارها فأثمارها. ولكن مهما تباينت الأساليب فمحجة جميع البذور تظل واحدة. وتلك المحجة هي الوقوف أمام وجه الشمس.
Bilinmeyen sayfa