79

Faydaların Değerleri

بدائع الفوائد

Yayıncı

دار الكتاب العربي

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yeri

بيروت

Türler

Hadith
وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا﴾ ثم ختم الآية بصفتين تقتضيان غاية الإحسان إلى خلقه وهما الرحمة والمغفرة فيجلب لهم الإحسان والنفع على أتم الوجوه برحمته ويعفو عن زلتهم ويهب لهم ذنوبهم ولا يؤاخذهم بها بمغفرته فقال: ﴿وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ﴾ فتضمنت هذه الآية سعة علمه ورحمته وحكمه ومغفرته وهو سبحانه يقرن بين سعة العلم والرحمة كما يقرن بين العلم والحلم فمن الأول قوله: ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا﴾ ومن الثاني: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾ فما قرن شيء إلى شيء أحسن من حلم إلى علم ومن رحمة إلى علم وحملة العرش أربعة اثنان يقولان سبحانك اللهم ربنا وبحمدك لك الحمد على حلمك بعد علمك واثنان يقولان سبحانك اللهم ربنا وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك فاقتران العفو بالقدرة كاقتران الحلم والرحمة بالعلم لأن العفو إنما يحسن عند القدرة وكذلك الحلم والرحمة إنما يحسنان مع العلم وقدم الرحيم في هذا الموضع لتقدم صف ثم ختم الآية بذكر صفة المغفرة لتضمنها دفع الشر وتضمن ما قبلها جلب الخير ولما كان دفع الشر مقدما على جلب الخير قدم اسم الغفور على الرحيم حيث وقع ولما كان في هذا الموضع تعارض يقتضي تقديم اسمه الرحيم لأجل ما قبله قدم على الغفور وأما قوله تعالى: ﴿يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ فقد أبعد النجعة فيما تعسفه من فائدة التقديم وأتى بما ينبو اللفظ عنه وقال غيره السجود كان في دينهم قبل الركوع وهذا قائل ما لا علم له به والذي يظهر في الآية والله أعلم بمراده من كلامه أنها اشتملت على مطلق العبادة وتفصيلها فذكر الأعم ثم ما هو أخص منه ثم ما هو أخص من الأخص فذكر القنوت أولا وهو الطاعة الدائمة فيدخل فيه القيام والذكر والدعاء وأنواع الطاعة ثم ذكر ما هو أخص منه وهو السجود الذي يشرع وحده كسجود الشكر والتلاوة ويشرع في الصلاة فهو أخص من مطلق القنوت ثم ذكر الركوع الذي لا يشرع إلا في الصلاة فلا يسن الإتيان به منفردا فهو أخص مما قبله

1 / 80