* تاريخ تأليفه
لما كانت طبيعة الكتاب وموضوعه جمع الفوائد والشوارد والنِّكات وما شابهها، مما يُوْقَف على أكثره بالمطالعة، أو ينقدح بعد التأمل والتفكّر في الذهن = فإن تحديد وقت لبدء تأليف الكتاب ونهايته يُعد أمرًا عسيرًا ما لم يصرِّح به جامعه، أو تدلُّ عليه إشاراته وإيماءاته في تضاعيف كلامه وشأنُ هذه الكتب أن تُجْمع مع طول الأيام.
إذا تقرر ذلك، فلا بأس إذًا من تلمُّس إشارات في ثنايا الكتاب: ترشد إلى تاريخ تأليف الكتاب جملةً، أو تاريخ كتابة تلك الفائدة -التي وُجدت فيها تلك الإشارة- على الأقل، إذ قد يكون بين كل فائدة وأخرى زمنٌ ليس بالقليل، لما وصفناه سابقًا.
فمن تلك الإشارات: إحالاته على كتبه الأخرى لاستيفاء مبحث أو نحوه، فهذا دليل في الغالب -وإن كان يحتمل غير ذلك- على أن كتابنا أُلِّف بعد ذلك الكتاب المحال إليه.
وقد أحال ابن القيم على عددٍ من كتبه (انظر فهرس الكتب) كـ "التحفة المكية"، و"جِلاء الأفهام"، وكتبٍ أخرى لا نعرف عنها إلا أسمها، أما "الجِلاء" فَلم نعرف تاريخ تأليفه. وكتبه الأخرى لم نقف عليها.
لكن الإشارة التي نستفيد منها هي إحالته على كتاب "تهذيب سنن أبي داود"، فقد ذكره في: (٢/ ٦٦٨)، وقال: "وقد ذكرنا هذه المسألة مستوفاة بما أمكننا في كتاب "تهذيب السنن" اهـ وهذا
المقدمة / 12