67

دخلها فإذا هو يرى فيها من رأى في أمسه ممن كانوا يحيطون برسول الله في جنازة ابن نوفل؛ فسلم عليهم بتحية المسلمين، وتقدم من أبي بكر وكان في الحاضرين لصلاة الضحى، وقبل يده فهنأه بإسلامه ودعا له، وإذا برسول الله يشرق عليهم متهلل الوجه كأن لم يحدث له حادث؛ فنهض الجمع للقائه فحياهم بتحية الإسلام، وأسرع ابن حارثة فيما أخال فقدم إليه ورقة فقال: مرحبا بابن العفيفة.

2

قال الفتى: الحمد لله الذي هداني إلى الإسلام، ومتعني برضا الله! أشهد أن لا إله إلا الله الحي القيوم الواحد الأحد، وأنك يا محمد عبده ونبيه ورسوله. فدعا له النبي - فيما أخال - وقبله في جبينه.

وفيما هم في ذلك ويستعدون للصلاة فتح الباب ودخل عليهم حمزة يجأر بالشهادة، ويقول لرسول الله: هذا سيفي يا ابن أخي، ضعه حيث تريد. لقد أجرتك فأجرني من عذاب النار، وكن شفيعي يوم القيامة. فسر به رسول الله سرورا عظيما

3

لأنه كان أعز فتى في قريش وأشدهم شكيمة؛ فكبر لله وكبر المسلمون معه، وشعروا أنهم قد عزوا بعد ضعف، وأن الله شاء للإسلام أن يظهر على الشرك فيطمسه، وقد كان حدسهم صوابا، فقد كانت الأرض في تلك الساعة تهتز؛ لتلقي عنها ما كان يثقل كاهلها من أوزار العقول. تداعت إذ ذاك أركان الشرك في مكة، كما تداعت دعائم الاستبداد والجهل والظلم في ملك كسرى وهرقل، واستجاب الله دعاء نبيه على أثر ما رأى من إعزازه إياه بإسلام عبد الله حمزة قال

صلى الله عليه وسلم

وقد عفا قلبه عن أبي جهل أملا في هدايته: «اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام (وهو أبو جهل)» فأمنوا على دعاء رسول الله، وبعد هذا بما شاء الله من الزمن

4

قرع الباب قرعا شديدا. فقيل من الطارق؟ قال: أن ابن الخطاب. فلما عرفوه ذكروا شدته على رسول الله، ولم يكونوا قد عرفوا بعد بإسلامه في بيت أخته؛ إذ كان قد دخل عليها، وضربها؛ لإيمانها بمحمد، ولمدافعتها إياه عن صحيفة كتبت عليها آيات من سورة طه كانت سببا في إسلامه، ذلك أنه وعدها ألا يتلفها فأعطته إياها فقرأها حتى بلغ قوله تعالى:

Bilinmeyen sayfa