66

5

قبحت من فدم دميم! قال أبو جهل وقد ملكته الجبانة: لقد سفه عقولنا، وسب آلهتنا، وخالف آباءنا، وحمل صبياننا وغلماننا وجوارينا على اتباعه. فقال حمزة: ومن أسفه منكم؛ إذ تعبدون الحجارة من دون الله! ألا بعدا لكم ولما تعبدون! ثم التفت إلى الكعبة، وصاح: أيها البيت الأقدس الذي نطوف به وندعو الله عنده اشهد أني من اليوم مع ابن أخي محمد! على دينه أحيا وعلى دينه أموت! فقام رجال من بني مخزوم - عشيرة أبي جهل - إلى حمزة؛ لينصروا أخاهم، ويلوموا حمزة على ما فعل من أذى أبي الحكم، وقالوا: ما نراك إلا قد صبأت. فقال حمزة: وما يمنعني وقد استبان لي منه الحق. أنا أشهد أنه رسول الله وأن الذي يقول حق، والله لا أنزع فامنعوني إن كنتم صادقين.

5

وكان حمزة مهيبا حتى لتخافه النطف إن غضب، وخشي أبو جهل وراء وعيده أن تندلع النار في مكة فتأتي عليه وعلى رهطه، فقال: دعوا حمزة كفاني أني أسمعت ابن أخيه شيئا قبيحا.

5

وعلى هذا انصرف حمزة، وقد انتقم لابن أخيه.

الفصل الخامس عشر

في دار ابن الأرقم1

بلغ ورقة باب دار ابن الأرقم، وكانت على يسار الصاعد إلى الصفا كما وصفت فتنة، ولكنه تهيب أن يقرعه، فوقف حائرا لا يدري ماذا يفعل؟ وإذا به يفتح ويطل منه بلال بن رباح وزيد بن حارثة، وكأنهما كانا في انتظار مقدم رسول الله ففتحاه لاستقباله، ولكنهما لم يجدا إلا ورقة بن العفيفة؛ فلما رآه زيد هلل وكبر، وتعانقا ودعاه إلى الدخول، وعرفه إلى بلال؛ فكبر وحمد الله، ومال على رأس ورقة يقبله ويعانقه، فعاقنه ورقة كذلك، وحمد الله على الإسلام.

مشى زيد بورقة في فسحة سماوية طولها نحو عشر خطوات في خمس على يسارها إيوان مسقوف بجذوع النخل على عرض أربع خطوات، وعلى يمينها حائط في وسطه باب يدخل منه إلى غرفة طولها طول الفسحة وعرضها عرضها مفروشة بحصير من سعف النخل.

Bilinmeyen sayfa