والتكسيرُ في جميعِ الاسمِ أنْ تُذْهِبَ لَفْظَ الواحِدِ من ذلكَ الجمعِ، وذلكَ مثلُ رَجُلٍ ورجالٍ، وكَلْبٍ، وكِلابٍ، وغُلامٍ وغِلْمان، وغُرابٍ وغِرْبان، فقد غَيَّر لفظ الواحِدِ وأَذْهَبَهُ، لأنّ (رِجال) مُنكَسِرُ الراءِ مُنْتَصِبُ الجيمِ، ورَجُلٌ منتصبُ الراءِ مضمومُ الجيمِ. وكذلك كِلابٌ مكسورُ الكافِ مُنْتَصِبُ اللام، والواحدُ في كَلْبٍ مُنْتَصِبُ الكافِ ساكِنُ اللامِ. وكذلكَ سائرُ الكلامِ.
وأَمَّا الجمعُ على حَدِّ التثنيةِ فهو أنْ لا تُغَيِّرَ لفظَ الواحدِ عمّا كانَ عليه كما تفعلُ ذلكَ بالتثنيةِ، وذلكَ قولك: مُسْلِمٌ ومُسْلِمانِ، وعالِمٌ وعالِمانِ، قلم يُغَيَّرْ لفظُ الواحدِ.
وكذلك إذا قُلتَ: عُلماءُ ومسالِمٌ، فَقَدْ كَسَّرْتَ لَفْظَ الواحِدِ، وأَذْهَبْتَ لَفْظَهُ، فهذا التكسيرُ.
وكانَ يُونسُ يُكَسِّرْهُ شعابِين ورَماضِين، وقد جاءَ مِثْلُهُ من التكسير، قالَ: سرحانَ وسَرَاحِين، ودُكّان ودكاكِين، وسُلطان وسَلاطِين.
وحُكِيَ لنا ظِرْبان وظَرابينُ، وهي قليلةٌ، وللكثيرةِ: ظَرابيُّ، وقد ذكرناها.
وأمَّا شَوَّال فإنْ شِئْتَ قُلْتَ: مَضَتْ ثلاثةُ شَوّالاتٍ، وإنْ شِئتَ كَسَّرْتَهُ للجمعِ فقُلْتَ: ثلاثةُ شَواوِيل.
وقد حُكِيَتْ عن بعضِ العربِ: شَواوِلُ وشَواويلُ (٢٢٧) .
وأَمَّا ذو القَعْدةِ وذو الحِجَّةِ فالجمعُ فيهما: ذواتُ القَعْدَةِ وذوات الحِجَّةِ.
وإنْ شِئْتَ قُلتَ: مَضَتْ ذاتُ القَعْدَةِ وذاتُ الحِجَّةِ.
والجمعُ يُصَيِّرُهُ (١٣ أ) واحدًا مؤنثًا لأَنَّهُ صفةٌ في الأصلِ، كقولِ اللهِ ﷿: ﴿حدائقَ ذاتَ بَهْجَةٍ﴾ (٢٢٨)، ولم يقلْ: ذوات، قالَ الشاعرُ (٢٢٩):
(دَسَّتْ رسولًا بأنَّ الحَيَّ إنْ قَدَرُوا ... عليكَ يَشْفُوا صُدُورًا ذاتَ تَوْغيرِ)
ولم يقلْ: ذوات، فجاء به على صُدورٍ وَغِرَةٍ. وذوات إذا قالَها تكونُ على صدورٍ وغِراتٍ، ولذلك حَسُنَ.
_________
(٢٢٧) الأيام والليالي والشهور ١٤، يوم وليلة ٢٧٩.
(٢٢٨) النمل ٦٠.
(٢٢٩) الفرزدق، ديوانه ٢٦٢ وفيه: دست إلي بأن القوم ... يشفوا عليك.
1 / 46