Augustinus: Çok Kısa Bir Giriş
أوغسطينوس: مقدمة قصيرة جدا
Türler
كان لاهوت وفلسفة أساتذة جامعات العصور الوسطى وبناة تلك الجامعات ضاربين بجذورهما في الأفكار الأوغسطينية عن العلاقة بين الإيمان والعقل. عندما جمع بيتر لومبارد كتابه «الحكم» (1155) ليقدم مرجعا أساسيا لعلم اللاهوت، استقى نسبة كبيرة من أفكاره من القديس أوغسطينوس. وكذا معاصره جراتيان استشهد بالعديد من النصوص من أوغسطينوس؛ إذ ألف المرجع الأساسي للقانون الكنسي. (2)
لم تتملص طموحات الصوفيين الغربيين قط من أثره؛ وذلك إلى حد كبير نظرا لمركزية فكرة حب الرب في تفكيره. لقد رأى أولا المفارقة التي مفادها أن الحب الباحث عن السعادة الشخصية يوحي ضمنا، بضرورة الحال، بشيء من إنكار الذات وألم تحول الإنسان إلى شيء بخلاف ذاته الحقيقية. (3)
وجد الإصلاح دعامته الأساسية في نقد التنسك الكاثوليكي في العصور الوسطى باعتباره يستند إلى الجهود البشرية بقدر أكثر من النعمة الإلهية. وردت حركة الإصلاح المضاد بأن المرء يستطيع أن يؤكد سيادة نعمة الله دون أن ينكر أيضا حرية الإرادة والقيمة (أي «الجدارة») الأخلاقية للسلوك الحسن. والتجأ طرفا الجدل كلاهما بدرجة كبيرة إلى نصوص أوغسطينوس. (4)
شهد القرن الثامن عشر انقساما شديدا بين الذين يؤكدون كمال الإنسان والذين يرون طبيعة الإنسان مثقلة بثقل الغرور الشخصي والجمعي؛ وبتعبير آخر بما أطلق عليه أوغسطينوس «الخطيئة الأصلية». آمن رجالات التنوير بأن الكمال الفعلي للإنسان يعرقله الإيمان بالخطيئة الأصلية، ولم يرق لهم أوغسطينوس كثيرا. واستاءوا إذ وافق الفيلسوف كانط الذي أعلن بفصاحة شديدة المبدأ التنويري الذي يقضي بأنه على المرء أن يجازف بالتفكير بنفسه على المبدأ القائل بأن الطبيعة البشرية يشوهها الشر المتطرف المتفشي. (5)
في ردة فعل ضد حركة التنوير، ساوت الحركة الرومانسية ما بين صلب العقيدة والمشاعر بدلا من نتائج الجدالات الفكرية. لم يكن أوغسطينوس مطلقا معاديا للفكر، لكنه لم يظن أن الفكر له الكلمة العليا، كما أنه كان رائدا لتقدير إيجابي جدا للمشاعر البشرية. فنحن ندين له باستعمالنا لكلمة «قلب» بهذا المعنى. (6)
كان أوغسطينوس أكثر الأفلاطونيين المسيحيين حدة، وبذل جهدا جهيدا من أجل إرساء أسس التآلف ما بين المسيحية والتوحيد الكلاسيكي النابع من أفلاطون وأرسطو. لقد ترك أفلوطين في القرن الثالث بعد الميلاد أثرا عظيما فيه بفضل تنظيمه للتقليد الأفلاطوني، لكن أوغسطينوس أمسى أيضا واحدا من أكثر النقاد جميعا بصيرة لهذا التقليد الفلسفي الذي دان له هو نفسه بالكثير. (7)
رأى أوغسطينوس بشكل أوضح بكثير من سابقيه (وقبل من جاءوا بعده بوقت طويل جدا) أن القضايا ذات الأهمية القصوى تثيرها مشكلة العلاقة ما بين الكلمات والواقع الذي يحاولون توصيفه. كان أوغسطينوس رائدا في الدراسة النقدية للتواصل غير اللفظي.
وعاش كل من أنسلم وتوما الأكويني وبترارك (الذين لا تخلو جيوبهم مطلقا من نسخة من كتاب «الاعترافات
Confessiones »)، ولوثر وبيلارمين وباسكال وكيركجور في جلباب أوغسطينوس الفضفاض. كانت كتاباته من بين الكتب المفضلة للفيلسوف النمساوي فيتجنشتاين، وكان أبغض الناس لنيتشه. وتنبأ تحليله النفساني بأجزاء من أعمال فرويد؛ فهو أول من استكشف وجود «اللاوعي».
وكان أوغسطينوس «أول رجل حديث»؛ بمعنى أن القارئ يشعر معه أن الكاتب يخاطبه على مستوى من العمق النفساني غير مسبوق، ويجد أمامه نظاما متناسقا من الفكر، أجزاء كبيرة منه ما برحت تجذب بقوة الاهتمام والاحترام. ولقد أثر في الطريقة التي تفكر بها الغرب بالتبعية في طبيعة الإنسان وما نعنيه بكلمة «الرب». ورغم أن أوغسطينوس كتابع من أتباع أفلاطون لم يكن معنيا بقدر كبير بالبيئة المادية الطبيعية، وألف مؤلفاته وهو يخشى أن تجرى الأبحاث العلمية دون احترام للاعتبارات الأخلاقية، فإن فرضية العالم الحديث بأن النظام الرياضي والعقلانية هما السمتان الرفيعتان في العالم لم يكن لها من نصير بليغ في الماضي أفضل منه. ولذا، فقد أسهم إسهاما كبيرا في التوجه نحو النظام المخلوق الذي جعل نشأة العلم الحديث ممكنا. ومن ناحية أخرى، لا يمكن قراءة أوغسطينوس بإنصاف إذا عومل بخلاف ما كان عليه في حقيقة الأمر؛ أعني رجلا من العالم القديم تشكلت عقليته وثقافته بالكامل بفعل آداب وفلسفة اليونان وروما، ووضعه اعتناقه المسيحية بدرجة ما في صراع مع الماضي الكلاسيكي. وفيما يتعلق بهذا الماضي، وقف أوغسطينوس موقف الناقد والناقل لعالم العصور الوسطى والعالم الحديث.
Bilinmeyen sayfa