Augustinus: Çok Kısa Bir Giriş
أوغسطينوس: مقدمة قصيرة جدا
Türler
بحلول عام 400 كان هناك زاهد من عامة الناس في روما بريطاني الأصل يدعى بيلاجيوس اشتهر كمستشار روحاني بين علية القوم. وبعد العديد من الرحلات والأسفار التي قام بها استقر في روما وكتب تعليقا على رسائل القديس بولس بهدف تفادي مناشدات المانويين لتلك الرسائل. لقد كان التقليد المسيحي الشرقي اللاهوتي الذي ساعد على تشكيل عقلية بيلاجيوس أكثر إيجابية فيما يتعلق بالطبيعة البشرية من التقييم الأوغسطيني لها؛ فقد كان يخشى القنوط من ألا تقوى الطاقة البشرية على الامتثال لأوامر الرب، وكذلك كان يخشى من الغفران للخطايا دون اشتراط التوبة أو التعميد. وشعر بأنه من غير المعقول أن يطلب الرب من البشر المستحيل. وإذا استقر رأي الإنسان على ذلك، فباستطاعته أن يفي بالوصايا، حتى تلك الوصية الصعبة التي تحرم الزنا. يكمن جوهر العبادة المسيحية في الفعل الأخلاقي لا في الإفراط في غرس المشاعر الصوفية. ألا يفت في عضد أي جهود اعتقاد المرء بأن كل إنسان ورث من آدم طبيعة معيبة؟ وبدا أن القول للناس إن إرادتهم تضمحل لدرجة العجز شبه التام بالنسبة إلى بيلاجيوس باعث على التراخي على نحو مهلك؛ فما من فعل يمكن أن يعتبر خطيئة ما لم يكن مختارا عن عمد. وفسر بيلاجيوس عالمية الخطيئة بأنها نتيجة عادة اجتماعية بعد أن ضرب آدم مثلا كارثيا. ولا شك أنه دون عناية الرب لم يكن المذنب ليفعل كل ما ينبغي أن يفعل، وواجبه السير على درب المسيح. لكن العناية الإلهية مساندة لكنها غير مهيمنة بالكامل؛ فالملاحون يستطيعون أن يصلوا بمراكبهم إلى وجهتهم دون عون من الريح والشراع، رغم أن الأخير يجعل المهمة أيسر. لا بد أن هناك لحظة ما يستقر فيها رأي الإنسان على شيء ويبذل جهدا حقيقيا ويقدم فيه على فعل ينسب إليه حقا. ومذهب أن كل شيء هبة من العناية الإلهية، وفي ذلك الإرادة نفسها، بدا بالنسبة إلى بيلاجيوس موهنا ومحبطا إلى حد الكارثة.
كان تسلسل الأحداث الذي أدخل أوغسطينوس وبيلاجيوس في مواجهة جدلية مفتوحة تدريجيا جدا؛ فقد اتفق الاثنان على مسائل أكثر من تلك التي اختلفوا عليها بكثير. كلاهما كان يرى البشرية حبيسة تقليد اجتماعي آثم مؤسسيا. وأصر بيلاجيوس على أن الخطيئة ليست موروثة ماديا؛ ومن ثم يستطيع المرء أن يفر منها باختياره الحر. ولقد خلق الرب القوانين الأخلاقية (هكذا قال بيلاجيوس) للضمير والإرادة الحرة وغفران الخطايا بالتعميد والتكفير لإعادة بناء العزيمة، وأهم من ذلك كله أن العناية الإلهية تعين الإنسان ما دام يتحلى بإرادة قويمة حقا. وتنير العناية الإلهية درب الإنسان فيعرف الحق، وتكون له عونا إضافيا. ونجد أن أوغسطينوس من ناحية أخرى كان على يقين من أنه لو كانت هناك أي مرحلة في عملية الفرار كانت فيها البشرية مستقلة بذاتها، لكان الغرور والانحراف قد استحكما. وبالنسبة إلى بيلاجيوس، كان الإثم والشر حقيقة عرضية وغير ضرورية. واعتقد أوغسطينوس أنه منذ سقوط آدم لم يعد هذا هو الحال بعد، وأشار إلى نكوص الإرادة الطبيعية عن الخير المحض وإخفاقها في الاستمتاع به.
نظر كلاهما لوضع الإنسان على أنه مأساة تنتهي بالموت. اعتقد بيلاجيوس أن الموت ضرورة بيولوجية. وظن أوغسطينوس أن الخوف من الموت لا يمكن أن يكون عاما أو عميقا إلا إذا كان عقابا على إثم ما.
لقد كان إيمان أوغسطينوس بأنه ما من ألم أو خسارة غير مستحقة راسخا في اهتمامه طوال حياته بالدفاع عن العناية الإلهية. ويجب أن تنتهي هذه القاعدة البديهية، إذا طبقت مع بيلاجيوس تطبيقا فردانيا بالكامل، وذلك عن طريق جعل الرب وكأنه يبدو طاغية مستبدا؛ وإلا فلم يوجد أناس مشوهون أو يعانون من أي عيوب أخرى، منذ ميلادهم في كثير من الأحيان؟ لم يستطع أوغسطينوس قط أن يقبل هذا الاستنتاج؛ ولذا (هكذا قال) لكي يكون المرء ضمن «زمرة الملعونين»، كفاه أن يكون من نسل آدم؛ فهذا بحد ذاته يقصيه من الوصول إلى النعمة إلا بالتدخل الرحيم، ولكن العصي على التفسير للعناية الإلهية. والذين ينالون رحمة الرب لا يسعهم إلا أن يشعروا بالامتنان للعناية الإلهية التي لم يفعلوا شيئا ليستحقوها. والذين لا ينالون رحمة الرب لن يكون لديهم أساس للشكاية من العدالة التي يستحقها الجميع نسبة إلى آدم. وحتى هؤلاء يمكنهم أن يحمدوا الرب على المتع الطبيعية في هذه الحياة الدنيا. ورغم أنه لم يزعم قط أن غير المصطفين مقدر لهم اللعن، كان أوغسطينوس ميالا إلى أن يميز وجهة نظره عن الازدواجية المانوية بالتأكيد على الحرية لدى الرب والحرية لدى الإنسان (هبة المثابرة
De dono perseverantiae )؛ فقد أجاز الرب ضلال الفاسقين لكنه لم يفرض ذلك فعليا.
لقد ظن أنه من الواضح أن الطبيعة البشرية بتكوينها الحالي يستحيل أن تكون طبيعية، ولم يكن من الممكن أن تكون كما قصد الخالق لها أصلا. قبل سقوط آدم، كان لدى الإنسان القدرة على تفادي الرذيلة بإرادته الحرة، ولم يكن ضعف إرادته يحول بينه وبين فعل الخيرات. لو لم يكن آدم قد أذنب، لعاش مع حواء إلى الأبد. ولكن حتى في الفردوس كان آدم بحاجة إلى العناية الإلهية (مدينة الله، الجزء الرابع عشر 27)، لا كعامل مساعد لإرادته بل كوسيلة لا غنى عنها. في عرضه المبكر لسفر الخروج دحضا للمانويين، شرح أوغسطينوس ذات مرة بشكل عابر روايتي خلق الإنسان، فأوحى بأن الإنسان الذي حباه الرب بالروح ربما تلقى النفحة الإلهية كي ترقى مادة خلقه إلى مصاف الأرواح. ويوحي ذلك بأن العناية الإلهية الخارقة للطبيعة كانت إضافة للبشرية الطبيعية حتى في الفردوس، وأن هذه الإضافة هي ما فقد عند السقوط.
بدا لأوغسطينوس أن بيلاجيوس يناصر النزعة الإنسانية شبه الرواقية، حيث يؤكد على المثل الرائعة لكنه يخفق كثيرا في النفاذ إلى لب القلب البشري. علاوة على ذلك، رغم أن بيلاجيوس لم يكن ينتوي ذلك، فقد بدت لغته بالنسبة إلى أوغسطينوس وكأنها توحي بأن النموذج البشري الممثل في المسيح كاف للخلاص، والواقع أن الأسرار المقدسة للكنيسة قد لا تكون ضرورية حقا. لكن أوغسطينوس أجاب بأن المسيحيين سارعوا بتعميد أطفالهم لغفران الخطايا. لم تقتض الممارسة العالمية لتعميد الأطفال أي دفاع قط من وجهة نظر أوغسطينية؛ فقد كانت مثالا ساميا لسيادة العناية الإلهية الاصطفائية للرب سلفا لأي تحرك من جانب إرادة الفرد، وهي بذلك ليست بأي حال من الأحوال مكافأة على الطموح أو الفعل الفضيل.
تبرز المسألة الجاري مناقشتها في هذا الجزء الأخير من الجدل النقطة الرئيسية التي مفادها أن مذهب أوغسطينوس بخصوص فساد الوجود الأخلاقي للإنسان كان يتطلب تأكيدا موازنا على قوة وضرورة السبل الموضوعية للعناية الإلهية المقدمة من خلال الأسرار المقدسة للكنيسة. كانت ركيزة النعمة الإلهية ممثلة في غفران الخطايا المرهون والممنوح عبر التعميد، والمتجدد في الحياة الجديدة في القربان المقدس. وكانت انعكاسات ذلك على سلطة الكنيسة مهولة.
عندما كتب أوغسطينوس عن الإرادة الحرة قبل أن يمسي أسقفا، توقع أن الأطفال الرضع الذين يموتون دون تعميد لن يجدوا مصيرهم في الفردوس ولا في الجحيم. واتهم البيلاجيون أوغسطينوس في كبره بالتخلي عن هذا الاقتراح الحكيم، وبالإيمان بأن الرب الرحيم العادل قادر على إرسال الرضع إلى الجحيم إذا أخفق آباؤهم في إيصالهم إلى جرن المعمودية في الوقت المناسب. وافق أوغسطينوس على أن مثل هذه الأحداث كانت أليمة، لكنها لم تكن قدرا ولا مصادفة؛ لأنه ما من شيء كذلك في عالم الرب (هبة المثابرة). استنادا إلى يوحنا 3، شعر أوغسطينوس يقينا بأنه ما من أحد يرفض التعميد عن عمد يمكن أن يدخل الفردوس. وإذا أدين الرضع غير المعمدين، فإن إدانتهم لن تنسب إلى أي اختيار شخصي، بل سيكون مؤداها أن سلسال آدم اشترك في تغريب جمعي. أثبتت الضرورة المعترف بها للتعميد الخطيئة الأصلية، وأثبت العيب الذي يشوب الطبيعة البشرية الحاجة إلى الإيمان والتعميد. من الواضح أن رؤية أوغسطينوس مزجت ما بين أفكار بيولوجية عن الوراثة وفكرة المسئولية الشرعية للإنسانية. وسرعان ما اكتشف أنه أبحر في خضم عاصفة.
لقد دفعه الخلاف الجدلي البيلاجي إلى أن يتبنى مواقف شعر النقاد، آنذاك ولاحقا، أنها مؤسفة.
Bilinmeyen sayfa