Augustinus: Çok Kısa Bir Giriş
أوغسطينوس: مقدمة قصيرة جدا
Türler
الفصل السابع
الوحدة والانقسام
نثرت تبعات الاضطهاد العظيم تحت حكم ديوكلتيانوس (303 ميلاديا) بذور الانقسام بين الكنائس الأفريقية؛ فقد انقسمت حول المرحلة التي يستطيع المرء أو لا يستطيع الوصول فيها إلى تسوية مع السلطة العلمانية. كان المسيحيون الأفارقة يتبنون معتقدات تنبئية بقوة؛ فقد فسروا وحي القديس يوحنا بأن المسيح سيعود حرفيا إلى الأرض ويحكمها مع قديسيه لألف سنة، وهو المذهب الذي شاركه إياهم أوغسطينوس نفسه في بداية الأمر حتى أمسى يفسر الألفية تفسيرا رمزيا عن الفردوس. وعادة ما كانت المعتقدات التنبئية تصاحب وجهة نظر سلبية جدا تجاه الحكومة الإمبريالية باعتبارها عاملا من عوامل الفضيلة، وانتشرت الآراء التشاؤمية بسهولة بين صغار ملاك الأراضي والمزارعين المستأجرين في نوميديا. ومراسيم الإمبراطور الوثني التي تحرم على المسيحيين الاجتماع للعبادة وتطالبهم بتسليم الكتب والأوعية المقدسة دفعت المسيحيين المتحمسين لدراسة قصة بطولة المكابيين ومقاومتهم الشرسة لأنطيوخوس الرابع منذ أكثر من أربعة قرون. لكن كان هناك شقاق حاد بشأن الحكم الأخلاقي بين الصقور والحمائم؛ فالصقور المسيحيون رفضوا رفضا تاما التعاون مع السلطات العلمانية، ولم يرد حمائم المسيحية أي مواجهات ، بل سعوا لأن يحيوا حياة فضيلة وتواضع هادئة. وكان من بين الحمائم أسقف قرطاج ورئيس شمامسته الذي اعتبر المتعصبين مستفزين ولا يستحقون لقب شهيد أو «معترف» (وهو الاصطلاح المسيحي القديم للإنسان الذي يعترف بإيمانه أمام الحاكم ويعاني ويلات التعذيب والحبس، ولكنه لا يمنح هبة الشهادة السامية). وحتى قبل اندلاع حملة الاضطهاد، كان هناك خلاف حاد بين مسيحيي أفريقيا فيما يتعلق بإن كان من الجائز ارتكاب جرائم التخريب بحق المقامات الوثنية باعتبارها حصونا للفساد الشيطاني، أو إن كانت تلك الأفعال تؤجج فحسب مشاعر الغضب والسخط من الكنيسة بين العباد الوثنيين، وتفشل في توقير إخلاص النوايا الوثنية.
في عام 311، لقي أسقف قرطاجة مصرعه وسارع حزب الحمائم بالتصرف، فجمعوا ثلاثة أساقفة بحثا عن رئيس الشمامسة ليحل محله ويمسي خلفه. وشاع الاعتقاد بأن واسم الكهنة الرئيس كان واحدا من هؤلاء الثلاثة، وأنه سبق له منذ ثماني سنوات تسليم الكتب أو الأوعية المقدسة إلى سلطات المصادرة. واستعان الصقور برئيس أساقفة نوميديا الذي تمتع بتأييد قطاع كبير جدا من الأساقفة، ووسم أسقفا منافسا. وبعد بعض المفاوضات المؤرقة، لم تعترف كنائس شمال البحر المتوسط ولا الإمبراطور قسطنطين العظيم بالمرشح النوميدي. ومنذ ذلك الحين حتى الفتح الإسلامي لأفريقيا كانت توجد جماعتان متنافستان، لكل منهما أبرشيتها الخاصة بها، وكلتاهما تتلوان العقيدة نفسها، وكلتاهما لهما أشكال مقدسة مطابقة وهياكل شعائرية مماثلة. وأقيم في كل مدينة وقرية مذبح قبالة الآخر.
وتولى قيادة الحزب النوميدي دوناتس وهو أسقفهم في قرطاج. ورفض الدوناتيون المجتمع الكاثوليكي الذي كان في نوميديا أقلية سواء في المدينة أو في الريف، وازدروه باعتباره دمية في يد الحكومة العلمانية، وأداة لتحقيق غايات سياسية لوثها سجل طويل من الحلول الوسط فيما يتعلق بالأمور الدنيوية. ورفض الدوناتيون الإقرار بصحة الطقوس الكاثوليكية ونقائها أيا كان نوعها، وبذلك كان أوغسطينوس في أعينهم علمانيا منشقا ومهرطقا. وأمسى انعدام الثقة والضغائن بين الجماعتين أمرين راسخين. وحرم الجماعتان الزواج المختلط بينهما، وشرع كل منهما تشريعات كنسية مناهضة للجماعة المخالفة. وكان من الشائع جدا أن تنقسم العائلات وتنشق، وقد كان لأوغسطينوس نفسه ابن عم دوناتي.
آمن الدوناتيون بحماس شديد بأنهم وحدهم حماة القداسة الأصيلة والنقاء الطقسي لمعبد الرب الممثل في الكنيسة. وللدفاع عن رفضهم الإقرار بالأسرار المقدسة التي تقدم خارج حدود الكنيسة الطاهرة، استطاعوا الالتجاء، لسبب محدد، إلى كتابات أعظم الأبطال المسيحيين في أفريقيا الرومانية؛ القديس سيبريان أسقف قرطاج الذي استشهد عام 258. وبدت مزاعم الكنسية الكاثوليكية بأنها الملة الصحيحة للدوناتيين باطلة تماما بفعل تسامحهم مع خطيئة الردة الكارثية؛ فقد كان أسقف قرطاج الكاثوليكي، وكذلك حقا أسقف روما نفسه لو كان يدعم الكاثوليكيين الأفارقة (وهكذا كان الحال فعلا)، عميلين للمسيح الدجال يتقلدان مقعدا لا ينبغي أن يكون لهما في ملاذ الرب نفسه. وبلغ الأمر ببعض الدوناتيين أن قالوا كذلك إن القداس الكاثوليكي، بدلا من كونه ضربا من خدمة العشاء الرباني، احتفال فاسد يسن فيه تجديف لا اسم له. ولم يكن التجار الدوناتيون يتعاملون مع رجال الدين الكاثوليكيين ما استطاعوا.
رد الدوناتيون على الزعم الخطير بأن الرب لم يكن ليقصد أن تختزل كنيسته الكاثوليكية في منطقة صغيرة من الإمبراطورية بأن الخصوصية هي نفسها مبدأ التجسد، وأنه في الأمور الأخلاقية عامة تكون الأقليات على حق، بينما تكون الأغلبية الصامتة اسما آخر للمساومين الضعاف الشخصية، وأهم من ذلك كله أن قداسة الكنيسة مقدمة على وحدتها وتفردها وتعتبر أساسا لهما. واتفق الدوناتيون والكاثوليكيون معا على أن فلك نوح دل مسبقا على الافتداء عبر كنيسة المسيح الواحدة. ومنح هذا الرأي الدوناتيين الرضا بأن يظنوا أن الفلك كان يحوي فحسب ثمانية أشخاص.
عندما أصبح أوغسطينوس أسقفا، وجد الطائفتين مستسلمتين بخنوع لخمسة وثمانين عاما من العداء المتبادل وانعدام الثقة التام. واستمرت الأحقاد والضغائن من جانب الدوناتيين بأعمال العنف المخيفة التي مارسوها ضد البنايات الكاثوليكية ورجال الدين الكاثوليكيين. ووجد المتحمسون الذين سبق أن شنوا هجومهم على المقامات الوثنية هدفا جديدا ممثلا في الكاتدرائيات الكاثوليكية؛ حيث كانوا يهدمون المذبح الخشبي على رأس الأسقف الكاثوليكي المسكين إذا لم يكن حكيما بالقدر الكافي ولم يرحل عن المكان. ولم تكن قصيرة قائمة رجال الدين الكاثوليكيين الذين شوهت أجسادهم أو أصيبوا بالعمى إذ ألقي في أعينهم الجير والخل، أو لقوا حتفهم مباشرة. ولقد نجا أوغسطينوس نفسه ذات مرة من فخ دوناتي كان الغرض منه إسكاته إلى الأبد؛ وذلك لأن دليله سلك الطريق الخاطئ. وشجب الأساقفة الدوناتيون علنا أعمال العنف التي كان ينظمها أساسا رجال الدين الريفيون.
رأى أوغسطينوس أنه من الضروري إمداد المجتمع الكاثوليكي بترسانة فعالة من الحجج اللاهوتية. وحث الأساقفة الكاثوليكيين على عقد سلسلة من المجامع الكنسية يستطيعون فيها تشكيل جبهة موحدة وصياغة سياسية مشتركة. وكان رئيس أساقفة قرطاج، وهو رجل متواضع عول كثيرا على أوغسطينوس في كتابة عظاته، على أهبة الاستعداد أن يقود الركب إذا نصحه أوغسطينوس بذلك. واستقى أوغسطينوس حججه من النبوءات الإنجيلية الخاصة بتمديد حكم الرب على الأرض كلها، وليس في أفريقيا وحدها. علاوة على ذلك، لقنت أمثال المملكة (متى 13) أن حقل الرب بما فيه من حنطة وزوان يجب أن يترك حتى حصاد القيامة. ولذلك فما من فضيحة يمكن أن تمثل أساسا كافيا لإحداث شقاق ومغادرة الكنيسة. كان فلك نوح علامة على أنه لا غنى عن المكوث في الكنيسة إذا لم يرد المرء أن يلقى حتفه في الطوفان. بالنسبة إلى أوغسطينوس، رمز الأشخاص الثمانية على متن الفلك إلى الجوهر الداخلي للكنيسة للمؤمنين ذوي التوجه الذهني الروحاني، الذين اضطروا إلى تحمل عفن الصحبة الأقل عقلانية، لكنهم فضلوا ذلك كثيرا على الغرق. أما بالنسبة إلى زعم الدوناتيين بأن بقية العالم المسيحي أمسى متهما بالكفر بالمصاحبة (أو مع يعرف باسم مغالطة تحميل الوزر)؛ «فالعالم كله يحكم بذلك دون أدنى قلق»: من السهل أن نحكم على العالم (ردا على رسالة بارمينيان
Contra Epistulam
Bilinmeyen sayfa