Sonbaharın İlk Günleri: Asil Bir Hanımefendinin Hikayesi

Rasha Salah Dakhakhni d. 1450 AH
73

Sonbaharın İlk Günleri: Asil Bir Hanımefendinin Hikayesi

أوائل الخريف: قصة سيدة راقية

Türler

بدت الكنيسة الصغيرة مكانا هادئا يعمه السلام بعد حرارة الجو واضطراب شارع دورهام، مكانا هادئا وصامتا ومزدحما عن آخره بأقارب العائلة ومعارفها. وحتى المقاعد الخلفية امتلأت بفلول العائلة من الفقراء شبه المنسيين الذين لم يملكوا ثروة تجعلهم ينعمون بالهناء ورغد العيش. جلست السيدة فيذرستون العجوز (التي كانت تتخذ الغسيل اليدوي مهنة لها ) تجهش بالبكاء لأنها اعتادت على البكاء في جميع الجنازات، والآنسة هادون العجوز، ابنة العم الأرستقراطية من آل بينتلاند، التي كانت ترتدي حتى في عز الصيف عباءتها الصوفية السوداء الثقيلة المعهودة، والسيدة مالسون، التي تحاول الحفاظ على أرستقراطيتها البائدة رغم مظهرها الرث بقلنسوتها الحريرية العالية، والآنسة مورجاترويد، صاحبة المنزل المحاط بالأسوار العالية والذي كانت معلقة عليه الآن لافتة «حانة ويتشيز برووم» حيث كان المرء يحصل على كوب شاي سيئ وشطائر بشعة ...

كان الأسقف سمولوود والعمة كاسي قد تعاونا معا لإعداد قداس جنازة مدروس بمهارة ليحرك المشاعر ويطلق العنان للقدرات العاطفية الفياضة لجيلهما وخلفيتهما الاجتماعية.

اختارا أكثر الترانيم جياشة وتحريكا للمشاعر، وقال الأسقف سمولوود، المشهور بأثره على المسنات الورعات والمرهفات الحس، بضع عبارات رنانة تفيض بالنفاق جعلت العمة كاسي والسيدة فيذرستون العجوز البائسة تدخلان في نوبة حزن شديد جديدة. صار قداس الجنازة على روح الصبي أشبه بطقس بربري لم يكن مكرسا لحياته القصيرة المفجعة وإنما تمجيدا للاسم الذي حمله وجميع الخصال المرتبطة به - كضيق الأفق والخيلاء وتمجيد الشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى للممتلكات - التي كانت قد تجلت في المأساة الدائمة المتمثلة في الحياة التي عاشها في مرض. ملأ الفخر آنسون والعمة كاسي في مقعديهما المتجاورين عند ذكر أسلاف عائلة بينتلاند. حتى إن نظر السيدات البولنديات العاملات النشيطات السمينات، اللاتي كن يحدقن في موكب الجنازة بعيون مذهولة قبل قليل، تحول إليهما الآن في موجة من الفخر والاعتزاز المستتر. سرت موجة المشاعر نفسها بشكل أو آخر عبر الكنيسة الصغيرة بداية من المنبر حيث وقف الأسقف سمولوود (بالنبرة الشجية في صوته التي كان نال بها جوائز من معهد اللاهوت) تحيطه زهور منتصف الصيف، عبر جميع الأقارب والمعارف، وصولا إلى الجزء الخلفي بين المجهولين والأقارب من درجة بعيدة حيث صارت مشاعر فخر واعتزاز بصلتهم بإقليم نيو إنجلاند والقرية العريقة المحتضرة التي كانت آخذة في الاضمحلال سريعا تحت غزو عالم أكثر نشاطا وحركة. غمرهم جميعا شيء من سحر عائلة بينتلاند، حتى السيدة فيذرستون العجوز، بظهرها الضعيف المحدب من العمل بالغسيل اليدوي لإعالة أحفادها الأربعة المرضى الذين ما كان ينبغي لهم أن يأتوا إلى هذه الحياة. وعبر دموعها الطيعة (كانت تبكي لأن البكاء كان المتعة الوحيدة الباقية لها في الحياة)، التمع بريق الفخر بالانتماء إلى هؤلاء الأشخاص، الذين اضطهدوا الساحرات وابتدعوا نزعة التعالي، وإلى السيد لويل ودكتور هولمز والسيد لونجفيلو الطيب اللطيف. رفعها هذا بطريقة ما فوق مستوى أولئك الغرباء الوقحين الذين كانوا يتبعون كنيسة روما الكاثوليكية ويزاحمونها على أرصفة شارع هاي ستريت.

وبداخل الكنيسة الصغيرة بأكملها، ربما لم ينج إلا شخصان أو ثلاثة فقط من تلك الموجة المفاجئة الغامرة من الشعور بالرضا عن الذات ... كان هؤلاء هم أوهارا الذي كان دوما خارج نظام الطبقات الاجتماعية، وأوليفيا وجون بينتلاند، اللذان جلسا متجاورين يملؤهما الحزن والأسى لدرجة أنهما حتى لم يستنكرا سلوك الأسقف سمولوود الغريب. شعرت سابين (التي كانت قد جاءت، على أي حال، لتحضر الجنازة) بحدة المشاعر الغامرة. وملأها هذا بشعور من الغضب الكامن والمبيت والمضمر.

بينما كان الموكب الصغير في سبيله إلى مغادرة الكنيسة، وأفراده يكفكفون دموعهم ويغمغمون بنبرات حزينة، بدأت السماء تكفهر بالسحب التي كانت قبل قليل قد انتشرت في الأفق البعيد. صار الهواء ساكنا جدا حتى أن أوراق أشجار الدردار السامقة تدلت بلا حراك كأنها أوراق مرسومة في لوحة، ومن مسافة بعيدة، تعالى هدير الرعد الآتي من بعيد، برفق في البداية، ثم بوتيرة تدريجية متزايدة تنذر بوقوع خطر وشيك. وفي حركة مضطربة، اجتمع المعزون في مجموعات صغيرة على درجات السلم، يقلبون أبصارهم بين السماء المنذرة بالخطر وعربة نقل الموتى المنتظرة، وبعد قليل، بدأ الأكثر جبنا يتسللون بعيدا، واحدا تلو الآخر، في خوف ورعدة. وببطء تبعهم آخرون وبحلول الوقت الذي حمل فيه التابوت خارجا، كان الجمع الغفير قد تبدد ولم يتبق إلا «أفراد الأسرة المباشرين» وواحد أو اثنان آخران. بقيت سابين وأوهارا والسيدة سومز (التي توكأت على ذراع جون بينتلاند كما لو كان الميت حفيدها)، والآنسة هادون بعباءتها السوداء، وحاملو التابوت، وبالطبع الأسقف سمولوود وكاهن أبرشية البلدة، والذي كانت قد توارت أهميته في حضرة هذه الركيزة المهيبة والجليلة من ركائز الكنيسة. بالإضافة إلى هؤلاء، كان هناك قريب أو اثنان آخران، مثل سترازرس بينتلاند، وهو رجل أصلع متأنق ضئيل البنية (ابن عم جون بينتلاند وهوراس المشين) الذي لم يتزوج أبدا وإنما كرس نفسه بدلا من ذلك لتنشئة صبية فصوله الدراسية في هارفرد.

استقلت هذه المجموعة الصغيرة المتبقية السيارات وأسرعت خلف عربة نقل الموتى في سباقها المحموم مع العاصفة الوشيكة. •••

كانت مقابر البلدة تقع أعلى قمة تل أجرد مرتفع حيث كان مستوطنو دورهام الأوائل قد اختاروا أن يتخلصوا من موتاهم هناك، وكان الدرب القديم المؤدي إلى التل صخري شديد الانحدار بحيث لم يكن يسمح بمرور السيارات، ولذا عند الجزء العلوي من التل اضطرت المجموعة إلى النزول من السيارات واستكمال باقي الرحلة سيرا على الأقدام. وبينما كانوا يحتشدون، في صمت وعجالة، حول القبر المفتوح والمنتظر، كان هدير الرعد، الذي صحبه في تلك اللحظة ومضات برق جامحة، يقترب أكثر فأكثر، وبدأت أوراق الأشجار المتقزمة والشجيرات، التي كانت قبل لحظات ساكنة، ترقص وتهتز بجنون في الضوء الأخضر الذي سبق العاصفة.

وقف الأسقف سمولوود، وهو رجل هلوع بطبعه، بجوار القبر وفتح كتاب الصلوات الخاص به المرصع بالجواهر (كان شديد التعلق بطقوس الكنيسة العليا ومولعا بالبخور والجواهر والأحجار الكريمة) وأخذ يقلب بإصبعه الصفحات باضطراب، وفي تلك اللحظة ثبت نظره على الصفحات، متفحصا حينئذ حافري القبور البولنديين المتبلدي الحس الذين وقفوا منتظرين دفن آخر ذرية آل بينتلاند. حدثت تأخيرات طفيفة مزعجة، ولكن أخيرا صار كل شيء جاهزا، وبدأ الأسقف القداس، وهو يتلو بأسرع ما يمكنه، بصوت أقل ترفا وتصنعا من المعتاد. «قال الرب: أنا هو القيامة والحياة ...»

وتبدد ما قيل بعد هذه العبارة وسط هزيم الرعد المدوي حتى إن الأسقف استطاع أن يغفل سطرا أو سطرين دون أن يفتضح أمره. وبدأت الأشجار القليلة الموجودة على التل الأجرد تهتز وتتمايل، وتنحني نحو الأرض، وأخذت الأوشحة السوداء المصنوعة من القماش الكريب التي ترتديها النساء تتلوى بجموح . ووسط هزيز الريح وهدير الرعد، لم يسمع الحضور سوى عبارة أو عبارتين فقط من القداس. ... «لأن ألف سنة في عينيك مثل يوم أمس بعد ما عبر، وكهزيع من الليل ...»

ثم عادت الطبيعة الجامحة والغاضبة وسيطرت على القداس، ليعلو صوتها فوق الصوت المرتعد للأسقف والنحيب المتصنع الصاخب للعمة كاسي، وعاد صمت مفاجئ مبهور يخيم على المكان وصوت الأسقف، الهزيل والضئيل وسط العاصفة، يتلو ... «إحصاء أيامنا هكذا علمنا فنؤتى قلب حكمة.»

Bilinmeyen sayfa