296

Atheer Ibn Badis

آثار ابن باديس

Soruşturmacı

عمار طالبي

Yayıncı

دار ومكتبة الشركة الجزائرية

Baskı Numarası

الأولى عام ١٣٨٨ هـ

Yayın Yılı

١٩٦٨ ميلادية

Türler

فمما لا شك أن فينا لظلمًا وعتوًا وفسادًا وكفرًا بأنعم الله، وإننا من جراء ذلك لفي عذاب شديد. ولا نعني بهذا أن الأمم الإسلامية مخصوصة بهذا، بل مثلها وأقوى منها في أسباب العذاب والهلاك غيرها من أمم الأرض. وأنَّ لهم لقسطهم من العذاب الشديد، وإذا لم يأت المقدار المماثل من الهلاك أو العذاب لما عندهم من أسبابهما فلأنَّه لكل أمة أجل ولما يأت ذلك الأجل بعد. فإذا جاء لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.
إرشاد واستنهاض:
قد ربط الله بين الأسباب ومسبباتها خلقًا وقدرًا بمشيئته وحكمته لنهتدي بالأسباب إلى مسبباتها ونجتنبها باجتناب أسبابها، وقد عرفنا في الآيات المتقدمة بأسباب الهلاك والعذاب لنتقي تلك الأسباب فنسلم أو نقلع عنها فننجو، فإن بطلان السبب يقتضي بطلان المسبب. وقد ذكر لنا في كتابه أمّة أقلعت عن سبب العذاب فارتفع عنها بعد ما كان ينزل بها، ليؤكد لنا أن الإقلاع عن السبب ينجي من المسبب فقال تعالى: ﴿إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ (١) فبمادرتهم للإيمان وإقلاعهم عن الكفر كشف عنهم العذاب، وأرشدنا في ضمن هذا إلى العلاج الناجع في كشف العذاب وإبطال أسبابه، وهو الإيمان. كما أرشدنا إليه أيضًا في قوله تعالى قبل هذا: ﴿فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا﴾ (٢) أي نجاها من العذاب، وذكر قوم يونس دليلًا على ذلك. وأرشدنا إليها أيضًا في قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ (٣)

(١) و(٢) ١٠/ ٩٨ يونس.
(٣) ٧/ ٩٥ الأعراف.

1 / 299