196

Atheer Ibn Badis

آثار ابن باديس

Araştırmacı

عمار طالبي

Yayıncı

دار ومكتبة الشركة الجزائرية

Baskı Numarası

الأولى عام ١٣٨٨ هـ

Yayın Yılı

١٩٦٨ ميلادية

Türler

إِرَادَةُ الدُّنْيَا وَإِرَادَةُ الْآخِرَةِ
"مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا ... " (١)
ــ
كل الناس في هذه الحياة حارث وهمام: عامل ومريد، فسفيه ورشيد، وشقي وسعيد.
منهم من يريد بأعماله هذه الدار العاجلة والحياة الدنيا عليها قصر همه، وعلى حظوظها عقد ضميره، جعلها وجهة قصده، ونصبها غاية سعيه، لا يرجو وراءها ثوابًا، ولا يخاف عقابًا، فهو مقبل عليها بقلبه وقالبه، معرض عن غيرها بكليته فلا يجيب داعي الله بترغيب ولا ترهيب، ولا يتقيد في سلوكه بشرائع العدل والإحسان.
فمن كان هذه إرادته، وهذا عمله، عجل الله له في الدنيا ما مضى في مشيئته تعالى أن يعجله له، إن كان ممن أراد التعجيل لهم، بحكم إبدال الجار والمجرور في قوله ﴿مَنْ نُرِيدُ﴾ من الجار والمجرور في قوله ﴿عَجَّلْنَا لَهُ﴾ فالتعجيل منه تعالى لمن يريد، لا لكل مريد، والشيء المعجل- في قدره وجنسه ومدته- على ما يشاء الرب المعطي لا على ما يشاء العبد المريد. فكم من مريدي الدنيا من يقصد الشيء فلا ينال إلاَّ بعضه، فيضيع عليه شطر عمله، فلا في هذه

(١) ١٧/ ١٨ - ١٩ الإسراء.

1 / 199