لكلفتني ذنب امرئ وتركته ... كذي العر يكوي غيره وهو راتع
فإن كنت لاذ والضعن عني مكذب ... ولا حلفي على البراءة نافع
ولا أنا مأمون بشيء أقوله ... وأنت بأمر لا محالة واقع
فإنك كالليل الذي هو مدركي ... وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
خطاطيف حجن في حبال متينة ... تمد بها أيد إليك نوازع
أتوعد عبدًا لم يخنك أمانة ... وتترك عبدًا ظالمًا وهو ضالع
وأنت ربيع ينعش الناس سيله ... وسيف أعيرته المنية قاطع
أبى الله إلا عدله ووفاءه ... فلا النكر معروف ولا العرف ضائع
وتسقى إذا ما شبت غير مصرد ... بزوراء في حافاتها المسك كانع
- ٣ - وقال أيضًا:
كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب
تطاول حتى قلت ليس بمنقض ... وليس الذي يرعى النجوم بآئب
وصدر أراح الليل عازب همه ... تضاعف فيه الحزن من كل جانب
علي لعمر ونعمة بعد نعمة ... لوالده ليست بذات عقارب
حلفت يمينًا غير ذي مثنوية ... ولا علم إلا حسن ظن بصاحب
لئن كان للقبرين قبر بجلق ... وقبر بصيداء الذي عند حارب
وللحارث الجفني سيد قومه ... ليلتمسن بالجيش دار المحارب
وثقت له بالنصر إذ قيل قذ غزت ... كتائب من غسان غير أشائب
بنو عمه دنيا وعمرو بن عامر ... أولئك قوم بأسهم غير كاذب
إذا ما غزوا في الجيش حلق فوقهم ... عصائب طير تهتدي بعصائب
يصاحبنهم حتى يغرن مغارهم ... من الضاريات بالدماء الدوارب
تراهن خلف القوم خزرًا عيونها ... جلوس الشيوخ في ثياب المرانب
جوانح قد أيقن أن قبيله ... إذا ما التقى الجمعان أول غالب
لهن عليهم عادة قد عرفنها ... إذا عرض الخطي فوق الكواثب
على عارفات للطعان عوابس ... بهن كلوم بين دام وجالب
إذا استنزلوا عنهن للطعن أرقلوا ... إلى الموت إرقال الجمال المصاعب
فهم يتساقون المنية بينهم ... بأيديهم بيض رقاق المضارب
يطير فضاضًا بينها كل قونس ... ويتبعها منهم فراش الحواجب
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب
تورثن من أزمان يوم حليمة ... إلى اليوم قد جربن كل التجارب
تقد السلوقي المضاعف نسجه ... وتوقد بالصفاح نار الحباحب
بضرب يزيل الهام عن سكناته ... وطعن كإبزاغ المخاض الضوارب
لهم شيمة لم يعطها الله غيرهم ... من الجود والأحلام غير عوازب
محلتهم ذات الإله ودينهم ... قويم فما يرجون غير العواقب
رقاق النعال طيب حجزاتهم ... يحيون بالريحان يوم السباسب
نحييهم بيض الولائد بينهم ... وأكسية الإضريج فوق المشاحب
يصونون أجسادًا قديمًا نعيمها ... بخالصة الأردان خضر المناكب
ولا يحسبون الخير لا شر بعده ... ولا يحسبون الشر ضربة لازب
حبوت بها غسان إذ كنت لاحقًا ... بقومي، وإذ أعيت علي مذاهبي
- ٤ - وقال أيضًا:
إني كأني لدى النعمان خبره ... بعض الأود حديثًا غير مكذوب
بأن حصنًا وحيًا من بني أسد ... قاموا فقالوا حمانا غير مقروب
ضلت حلومهم عنهم وغرهم ... سن المعيدي في رعي وتعزيب
قاد الجياد من الجولان قائظة ... من بين منعلة تزجى ومجنوب
حتى استغاثت بأهل الملح ما طمعت ... في منزل طعم نوم غير تأويب
ينضحن نضح المزاد الوفر أتأفها ... شد الرواة بماء غير مشروب
قب الأياطل تردى في أعنتها ... كالخاضبات من الزعر الظنابيب
شعث عليها مساعير لحربهم ... شم العرانين من مرد ومن شيب
وما بحصن نعاس إذ تؤرقه ... أصوات حي الأمرار محروب
ظلت أقاطيع أنعام مؤبلة ... لدى صليب على الزوراء منصوب
فإذ وقيت بحمد الله شرتها ... فانجى فزار إلى الأطواد فاللوب
ولا تلاقى كما لاقت بنو أسد ... فقد أصابتهم منها بشؤبوب
لم يبق غير طريد غير منفلت ... وموثق في حبال القد مسلوب
1 / 34