فحرك الحمار أذنيه وزم بأنفه، وقال للأسد: ما قولك يا مولانا في النبي داود الذي قال في ابن عمنا الإنسان: «بالمجد والبهاء كللته، وعلى أعمال يديك سلطته، جعلت كل شيء تحت قدميه: الغنم، والبقر جميعا، وبهائم البر أيضا، وسمك البحر السالك في سبيل المياه.»
فما اكتفى هذا المخلوق المكلل بالمجد والبهاء - ضحك من مقاعد اليمين - والذي أراني أجمل من كثيرين من بني نوعه - قهقهة من كل صوب - بما لفقه أبو سليمان بل قسمنا نحن الحيوانات إلى نجس وطاهر كما فعل الهنود بأنفسهم.
فتبسم حيوان خبيث أظنه الثعلب وقال له: اشكر ربك يا حمار، ارض بحصتك، فأنت تعيش العمر كله، لا جلدك يلبس مثل جلدي، ولا لحمك يؤكل كلحم أخي الديك.
فشفتر الحمار حردا، وقال الجمل: سائل المجرب، ولا تسأل الحكيم، يظهر أن الإنسان مسلط علينا كما قال داود، فولد صغير يقود أربعين خمسين جملا مثلي، والأنكى أنه يقطرنا إلى جحش «قرادي».
فانشق الحمار من الغيظ، ولم يطق السكوت فمد صوته الرخيم قائلا: مساواة، أخوة، كلام فارغ ...
فأومأ إليه الرئيس فأطبق فكيه وأرخى شفته التحتانية احتجاجا على هذه الإهانة الموجهة إلى النوع كله.
أما الجمل فشقشق وأرغى، وكاد يخرج كيسه الأحمر، فطيب الأسد خاطره بنظرة منبسطة، فهدئ ورجع إلى حديثه فقال: والإنسان مع ذلك يقول: لا كبير في عيني إلا الجمل!
فاحتد الثور وقال: ما ترك الله الإنسان، ولو تخلى عنه ساعة لأريتكم كيف أفزر بطنه بهذا القرن، امتيازات، خلود، سعادة أبدية، كلها للإنسان، الغرض ظاهر مثل عين الشمس، ومع كل هذا ما قصر أخوكم أبدا، أخذت الربوبية دهورا، وفركت أنف موسى في برية سينا، وما همني قول داود: حينئذ يقربون على مذابحك العجول.
فمعا الجدي فتحولت إليه الأبصار فقال: صدق عمي الثور، تذكروا دمغ أبواب العبرانيين بدم جدي بريء؛ لأن الرب نوى أن يقتل جميع أبكار المصريين انتقاما لأحفاده أبناء إسرائيل.
فبقبق التيس وقال: على تيوسيتي لا أفهم كيف أن الرب لا يعرف الأبواب، وهم يقولون عنه: ضابط الكل، ما يرى وما لا يرى.
Bilinmeyen sayfa